قوله: ﴿ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ﴾ مبتدأ وخبر، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب تشريفاً لها وتعظيماً لقدرها، ولم يقل: وتلكمو الجنة، ليكون مناسباً لقوله: ﴿ أُورِثْتُمُوهَا ﴾ إشارة إلى أن كل واحد من أهل الجنة مخاكب بالاستقلال. قوله: ﴿ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي أعطيتموها بسبب عملكم، وهذا زيادة في الإكرام لأهل الجنة، وحيث لم يقل أورثتموها من فضلي، وإن كانت في الحقيقة من فضله تعالى، قال ابن عباس: خلق الله لكل نفس جنة وناراً، فالكافر يرث نار المسلم، والمسلم يرث جنة الكافر. قوله: (يخلف بدله) أي لأنها على صفة الماء النابع، لا يؤخذ منها شيء، إلا خلف مكانه في الحال مثله. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ إلخ، لما ذكر وعد المؤمنين الحسن بالجنة وما فيها، شرع في ذكر وعيد الكافرين السيئ بالنار وما فيها، على حكم عادته سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، والمراد بالمجرمين الكفار لذكرهم في مقابلة المؤمنين. قوله: ﴿ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ﴾ الجملة حالية، وكذا ما بعدها والفتور السكون، يقال من فتر الماء سكن حره. قوله: (ساكتون) أي فالإبلاس السكوت، ويطلق على السكون، يقال أبلس سكت وسكن. قوله: (سكوت يأس) أي من رحمة الله تعالى. إن قلت: إن مقتضى ما هنا أنهم يسكتون في النار، ومقتضى ما يأتي في قوله: ﴿ وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ ﴾ الآية، أنهم يستغيثون ويتكلمون، فحصل التنافي بين الموضعين. أجيب: بأنهم يسكتون تارة ويستغيثون أخرى. فأحوالهم مختلفة. قوله: ﴿ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ العامة على نصب ﴿ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ خبراً لكان، و ﴿ هُمُ ﴾ ضمير فصل، وقرئ شذوذاً الظالمون بالرفع، على أن ﴿ هُمُ ﴾ ضمير منفصل مبتدأ، والظالمون خبره، والجملة خبر كان. قوله: ﴿ وَنَادَوْاْ ﴾ التعبير بالماضي لتحقق الحصول. قوله: (هو خازن النار) أي كير خزنتها، ومجلسه وسط النار، وفيها جسور تمر عليها ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها. قوله: ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ اللام للدعاء، ويقض مجزوم بحذف الياء، والمعنى: سل ربك أن يميتنا، فهو من قضى عليه إذا أماته. قوله: (ليمتنا) أي لنستريح مما نحن فيه. قوله: (بعد ألف سنة) هذا أحد أقوال، وقيل بعد مائة سنة، وقيل بعد أربعين سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً، واليوم كألف سنة مما تعدون. قوله: (مقيمون في العذاب دائماً) أي لا مفر لكم منه بموت ولا غيره.


الصفحة التالية
Icon