قوله: ﴿ يَغْشَى ٱلنَّاسَ ﴾ صفة ثانية للدخان، والمراد بهم قريش وأمثالهم على ما قاله المفسر، وعلى القول الآخر يكون المراد بالناس جميع الموجودين في ذلك الوقت من المؤمنين والكفار. قوله: ﴿ إِنَّا مْؤْمِنُون ﴾ هذا وعد منهم بالإيمان وقد أخلفوه، وليس المراد أنهم آمنوا حقيقة ثم ارتدوا. قوله: (أي لا ينفعهم الإيمان) إلخ، الأوضح أن يقول: أي لا يوفون بما وعدوا من الإيمان عند كشف العذاب عنهم، فهو استبعاد لإيمانهم. قوله: ﴿ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ ﴾ أي قالوا في حق النبي عليه السلام تارة إنه يعلمه غلام أعجمي، وقالوا تارة إنه مجنون، وتقدم في سورة النحل في قوله:﴿ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾[النحل: ١٠٣] أن رجلاً اسمه جبر، وهو غلام عامر بن الحضرمي، ورجلاً اسمه يسار، كانا يصنعان السيوف بمكة، ويقرآن التوراة والإنجيل، فكان النبي عليه السلام يدخل عليهما ويسمع ما يقرآنه، فقال الكفار﴿ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾[النحل: ١٠٣] فرد الله تعالى عليهم بقوله:﴿ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ﴾[النحل: ١٠٣] الآية. قوله: ﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ ﴾ جواب عن قوله: ﴿ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ ﴾.
قوله: ﴿ قَلِيلاً ﴾ قيل إلى يوم بدر، وقيل إلى ما بقي من أعمارهم. قوله: (فعادوا إليه) أي استمروا عليه، لأنه لم يوجد منهم إيمان بالفعل، قوله: (اذكر) ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ﴾ أشار بذلك إلى أن ﴿ يَوْمَ ﴾ منصوب بمحذوف، ويصح أن يكون بدلاً من ﴿ يَوْمَ تَأْتِي ﴾، قوله: (بلونا) أي امتحنا. والمعنى: فعانا بهم فعل الممتحن، بإقبال النعم عليهم منا، ومقابلتهم لها بالكفر والطغيان. قوله: ﴿ قَبْلَهُمْ ﴾ أي قبل قريش. قوله: (معه) أشار بذلك دفعاً لما يتوهم من ظاهر الآية؛ أن الابتلاء لخصوص قوم فرعون، فأجاب: بأن المراد هو وقومه.