قوله: ﴿ وَجَآءَهُمْ ﴾ هو من جملة الممتحن به. قوله: ﴿ كَرِيمٌ ﴾ (على الله) أي عزيز عليه، حيث اختصه بالرسالة والكلام، وهذا رد لقول فرعون﴿ أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ ﴾[الزخرف: ٥٢] كأنه قال: حاشا موسى من المهانة، بل هو كريم عزيز على ربه. قوله: (أي بأن) أشار بذلك إلى أن ﴿ أَنْ ﴾ مصدرية، ويصح أن تكن مفسرة، وأن تكن مخففة من الثقيلة. قوله: ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ﴾ مشى المفسر على أن مفعول ﴿ أَدُّوۤاْ ﴾ محذوف، و ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ﴾ منادى، وعليه فالمراد بعباد الله فرعون وقومه، وقيل: إن ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ﴾ مفعول لأدوا، والمراد بهم بنو إسرائيل: ومعنى تأدية إياهم اطلاقهم من الأسر، يشير إلى هذا قوله تعالى في سورة الشعراء﴿ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾[الشعراء: ١٧] وعلى كلا القولين فالخطاب في ﴿ أَدُّوۤاْ ﴾ لفرعون وقومه. قوله: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ تعليل للأمر، وقوله: (على ما أرسلت به) متعلق بأمين. والمعنى: مأمون على ما أرسلني الله به، فلا أزيد ولا أنقص، وذكر الأمانة بعد الرسالة، وإن كانت تستلزمها، اشارة إلى أنها وصف شريف ينبغي الاعتنا به. قوله: ﴿ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ عطف على قوله: ﴿ أَنْ أَدُّوۤاْ ﴾.
قوله: (تتجبروا) ﴿ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ فسر العلو بالتجبر، وفسره غيره بالتكبر والبغي والافتراء والتعاظم والاستكبار، وكلها معان متقاربة، قوله: ﴿ إِنِّيۤ آتِيكُمْ ﴾ تعليل للنهي. قوله: (فتوعدوه بالرجم) ظاهره أنه حين قال ﴿ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ توعدوه بالرجم ولم يتمهلوا، مع أنه تقدم أن فرعون قال له:﴿ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾[الأعراف: ١٠٦] ومكث بينهم مدة عظيمة، وهو يأتيهم بالمعجزات الباهرة ثم لما توعدوه دعا عليهم، وحينئذ فيكون بين ما هنا وبين ما تقدم تناف، فالجواب: أن القصة ذكرت هنا مجملة، وما تقدم ذكرت مبسوطة، وذكر الشيء مفصلاً ثم مجملاً أثبت في النفس. قوله: ﴿ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ الباء فيه وفي قوله: ﴿ فَٱعْتَزِلُونِ ﴾ من ياءات الزوائد لا يثبت في الرسم، وأما في اللفظ فيجوز إثباتها وحذفها حالة الوصل فقط، وأما في الوقت فيتعين حذفها. قوله: ﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي ﴾ اللام بمعنى الباء، ويصح أن تكون لام العلة. والمعنى: إن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل برهاني، إلخ. قوله: (فاتركوا أذاي) أي لا تتعرضوا لي بسوء. قوله: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ ﴾ عطف على مقدر قدره بقوله: (فلم يتركوه) وقوله: ﴿ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ ﴾ إلخ، تعريض بالدعاء كأنه قال: فافعل ما يليق بهم، و ﴿ أَن ﴾ بفتح الهمزة في قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بكسرها على إضمار القول. قوله: (بقطع الهمزة ووصلها) أي فهما قراءتان سبعيتان ولغتان جيدتان: الأولى من أسرى، والثانية من سرى، قال تعالى:﴿ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ ﴾[الإسراء: ١] وقال تعالى:﴿ وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ ﴾[الفجر: ٤] والإسراء السير ليلاً، والإسراء السير ليلاً، وحينئذ فذكر الليل تأكيد بغير اللفظ. قوله: (إذا قطعته أنت وأصحابك) هذا تعليم لموسى بما يفعله في سيره قبل أن يسير، والمعنى: إذا سرت بهم، وتبعك كالعدو، ووصلت إلى البحر، وأمرناك بضربه، ودخلتم فيه ونجوتم منه، فاتركه بحاله ولا تضربه بعصاك فليلتئم، بل أبقه على حاله ليدخله فرعون وقومه فينطبق عليهم.


الصفحة التالية
Icon