قوله: ﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ ﴾ يصح أن يكون الاستثناء متصلاً، والمعنى: لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين، فإنه يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون لبعضهم، وهو ما مشى عليه المفسر، ويصح أن يكون منقطعاً، أي ولك من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من ينفعهم من المخلوقين. قوله: ﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ الخ تعليل لما قبله. قوله: ﴿ إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ ﴾ ترسم شجرت بالتاء المجرورة في هذا الموضع دون غيره من القرآن، ويوقف عليه بالهاء والتاء؛ وأما غير هذا الموضع، فيرسم بالهاء، ويوقف عليه بالهاء لا غير، والزقوم يطلق على نبات بالبادية، له زهر ياسميني الشكل، طعام أهل النار، ويطلق على شجر له ثمر كالتمر، وله دهن عظيم المنافع، عجيب الفعل في تحليل الرياح الباردة، وأمراض البلغم، وأوجاع المفاصل وعرق النساء، والريح الساقطة في الورق، يشرب زنة سبعة دراهم ثلاثة أيام، وربما أقام الزمنى والمقعدين، ويقال أصله الأهليلج الكابلي. قوله: (أي كدردري الزيت الأسود) هذا أحد معاني المهل، ويطلق على القيح والصديد والنحاس المذاب. قوله: (وبالتحتانية) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (حال من المهل) الأظهر أنه حال من طعام، لأن المراد وصف الطعام المشبه بالمهل الغليان، لا وصف المهل لأنه لا يتصف بذلك. قوله: ﴿ كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ ﴾ صفة لمصدر محذوف، أي تغلى غلياً مثل غلي الحميم. قوله: (بكسر التاء وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان، من باب ضرب ونصر. قوله: (جروه بغلظة) أي أو اضربوه بالعتلة، وهي بفتحتين، العصا الضخمة من الحديد لها رأس. قوله: ﴿ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ ﴾ أي ليكون محيطاً بجميع جسده. قوله: (من الحميم الذي) إلخ، أي فإذا صب عليه الحميم، فقد صب عليه عذابه وشدته. قوله: (ويقال له) ﴿ ذُقْ ﴾ الأمر للإهانة والتحقير. قوله: ﴿ إِنَّكَ ﴾ بفتح الهمزة على معنى التعليل، وكسرها على الاستئناف المفيد للعلة، قراءتان سبعيتان، ووصفه بهين الوصفين للتهكم والاستهزاء. قوله: (وقولك) تفسير بقوله: (بزعمك) وقوله: (ما بين جبليها) أي مكة. قوله: ﴿ مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ﴾ الجمع باعتبار المعنى، لأن المراد جنس الأثيم. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ مقابل: ﴿ إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ ﴾ لأنه جرت عادة الله تعالى في كتابه، أنه إذا ذكر أحوال أهل النار، أتبعه بذكر أحوال أهل الجنة، وقوله: ﴿ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ أي الشرك بأن ماتوا على التوحيد، وهذا أعم من أن يكونوا في أعلى مراتب التقوى، وهي تقوى الأغيار، بأن لا يخطر الغي ببالهم، أو أوسطها وهي تقوى المعاصي بفعل الطاعات، أو أدناها وهي تقوى مجرد الشرك بالإيمان. قوله: ﴿ فِي مَقَامٍ ﴾ بفتح الميم وضمها، قراءتان سبعيتان، فالفتح هو موضع القيام ومكانه، والضم موضع الإقامة والمكث. قوله: (يؤمن فيه الخوف) أي من الخلق والخالق، والمعنى: تطمئن فيه النفس لا تنزعج من شي أصلاً، فأهل الجنة آمنون من غضب الله، ومن جميع ما يؤذي في البدن والأهل والمال، وآمنون من خطور الأكدار ببالهم. قوله: ﴿ فِي جَنَّاتٍ ﴾ إلخ، بدل من مقام، وتقديمه عليه من باب تقديم التخلية على التحلية، لأن الأمن من المخاوف تحلية، وكونهم ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ إلخ تخلية. قوله: ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ أي أنهار تجري تحت القصور.


الصفحة التالية
Icon