قوله: ﴿ يَلْبَسُونَ ﴾ خبر آخر لأن أو مستأنف. قوله: (أي ما رق من الديباج) إلخ لف ونشر مرتب، والديباج هو الحرير، إن قلت: كيف يكون لبس الغليظ من الحرير نعيماً من الجنة، مع أنه في الدنيا ربما كان غير نعيم؟ أجيب: بأن غليظ حرير الجنة، ليس كغليظ حرير الدنيا، بل هو أعلى، على أن من غليظ حرير الدنيا ما يؤلف وينعم به كالقطيفة مثلاً. قوله: ﴿ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ أي يواجه بعضهم بعضاً ليحصل الانس لبعضهم بعضاً، وهذا في غير وقت النظر إلى وجه الله الكريم، وأما عنده فينسون النعيم، بل ومقابلة اخوانهم، لكونه أعلى نعيم الجنة رتبة، ومن هنا قيل: إن حكمة المقابلة في حلق العلم والذكر في الدنيا، التشبه بمجالس الجنة والإنس بمقابلة الإخوان، وحكمة الاصطفاف وبالصلاة وعدم المقابلة فيها، التشبه بالنظر لوجه الله الكريم في الجنة، لأن في الصلاة إقبالاً بالكلية على الله تعالى، وقطعاص للشواغل. قوله: (أي لا ينظر بعضم إلى قفا بعض) أي لأن النظر للقفا مما يحزن، ولا حزن في الجنة. قوله: (يقدر قبله الأمر) أي فهو مبتدأ، وقوله: ﴿ كَذَلِكَ ﴾ خبره، والجملة معترضة لتقدير ما قبلها. قوله: ﴿ وَزَوَّجْنَاهُم ﴾ عطف على قوله: ﴿ يَلْبَسُونَ ﴾.
قوله: (من التزويج) أي وهو جعل الشيء زوجاً، والمعنى جعلناهم اثنين اثنين، فقوله: (أو قرناهم) مرادف له، وليس المراد بالتزويج الانكاح بالعقد، فإنه لا قابل به. قوله: ﴿ عِينٍ ﴾ جمع عيناء، وأصله عين بضم العين وسكون الياء، فكسرت العين لتصح الياء. قوله: (بنساء بيض) تفسير للحور، وقوله: (واسعات الأعين) تفسير لعين، وها على أن المراد بالحور البياض مطلقاً، وقيل: الحور شدة بياض العين وشدة سوادها، واختلف هل الأفضل في الجنة نساء الدنيا، أو الحور العين؟ والحق أن نساء الدنيا أفضل، لما روي: أن الآدميات أفضل من الحور بسبعين ضعف. قوله: ﴿ يَدْعُونَ ﴾ حال من الهاء في ﴿ زَوَّجْنَاهُم ﴾.