قوله: ﴿ قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ ﴾ إلخ، المراد بالغفر لهمن تحمل أذاهم وعدم مقابلتهم بمثل ما فعلوا، واختلف في هذه الآية، فقيل مدنية، وعليه فسبب نزولها كما قال ابن عباس: أنهم كانوا في غزوة بني المصطلق، نزلوا على بئر يقال له: المريسيع، فأرسل الله بن أبي غلامه يستقي الماء، فأبطأ عليه فلما أتاه قال له: ما حبسك؟ قال: غلام عمر، قعد على طرف البئر، فما ترك أحدً يستقي حتى ملأ قرب النبي صلى الله عليه وسلم، وقرب أبي بكر، فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء، إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك، فبلغ ذلك عمر، فاشتمل بسيفه يريد التوجه له، فنزلت هذه الآية، وقيل مكية، وعليه فسبب نزولها كما قال مقاتل: أن رجلاً من بني غفار شتم عمر بمكة، فهم عمر أن يبطش به، فنزلت، أو كما قال السدي: أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة، كانوا في أذى كثير من المشركين، قبل أن يؤمروا بالجهاد، فشكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذكره المفسر، فيه إشارة إلى هذا الأخير. قوله: ﴿ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ ﴾ أي لا يتوقعون وقائعه من قولهم أيام العرب، أي وقائعهم، وهذا ما مشى عليه المفسر، وقيل: إن الرجاء باق على معناه الأصلي، والمراد بالأيام مطلق الأوقات، والمعنى لا يؤملون الأوقات التي جعل الله فيها نصر المؤمنين وثوابهم. قوله: (أي اغفروا للكفار) أشار بذلك إلى أن مقول القول محذوف دل عليه قوله: ﴿ يَغْفِرُواْ ﴾ فهو مجزوم لكونه جواب أمر محذوف، والتقدير: قل لهم اغفروا يغفروا. قوله: (وهذا قبل الأمر بجهادهم) أي فهو منسوخ بآية القتال، وهذا على أنها مكية، وأما على أنها مدنية، فالكف عم المنافقين خوف أن يقول المشركون: إن محمداً يقتل أصحابه، حتى جاء الإذن بتمييزهم، وقيل: إنها ليست منسوخة، بل هي محمول على ترك المنازعة، والتجاوز فيما يصدر عنهم من الكلام المؤذي، قوله: ﴿ لِيَجْزِيَ قَوْماً ﴾ علة لما قبله، والقوم هم المؤمنون، وهو ما مشى عليه المفسر، وقيل: الكافرون، وقيل كل منهما، فالتنكير إما للتعظيم، أو التحقير، أو التنويع. قوله: (وفي قراءة بالنون) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (أذاهم) مفعول للغفر الواقع مصدراً. قوله: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ ﴾ جملة مستأنفة لبيان كيفية الجزاء. قوله: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ إلخ، المقصود من ذلك تسليته له صلى الله عليه وسلم كأنه قال: لا تحزن على كفر قومك، فإننا آتينا بني إسرائيل الكتاب والنعم العظيمة، فلم يشكروا بل أصروا على الكفر. قوله: (التوراة) إنما اقتصر عليها لكونها تغني عن غيرها من كتبهم، ولا يغني غيرها عنها، فإن فيها أحكام شرعهم، وإلا ففي الحقيقة كتب بني إسرائيل: التوراة والإنجيل والزبور. قوله: ﴿ وَٱلْحُكْمَ ﴾ أي الفصل بين الخصوم، وهذه نعم دينية، وقوله: ﴿ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ﴾ نعم دنيوية فلم يشكروا عليها. قوله: (كالمن والسلوى) أي في أيام التيه. قوله: (العقلاء) تقدم ما فيه، وأن الأولى التعبير بالثقلين.