قوله: ﴿ أَمْ ﴾ (بمعنى همزة الإنكار) أي فهي منقطعة، تقدر تارة بالهمزة وحدها، أو ببل وحدها، أو بهما معاً، والمراد انكار الحسبان أي الظن، والمعنى: لا ينبغي أن يكون، وإلا فالظن قد وقع بالفعل. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ فاعل حسب، وجملة ﴿ أَن نَّجْعَلَهُمْ ﴾ إلخ سادة مسد المفعولين، والمراد بالاجتراح الاكتساب كما قال المفسر، ومنه الجوارح، قال الكلبي الذين اجترحوا السيئات عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، والذين آمنوا وعملوا الصالحات، علي وحمزة وعبيدة بن الحرث رضي الله عنهم، حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم، وقيل: نزلت في يوم من المشركين قالوا إنهم يعطون في الآخرة خيراً مما اعطاه المؤمن، كما أخبر الله عنهم في قوله:﴿ وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ﴾[فصلت: ٥٠].
قوله: ﴿ سَوَآءً ﴾ (خبر) أي على قراءة الرفع، وقرأ بعض السبعة بالنصب على الحال. قوله: (والجملة) أي من المبتدأ والخبر. قوله: (بدل من الكاف) أي الداخلة على الموصول. قوله: (أي ليس الأمر كذلك) أشار بذلك إلى أن همزة الإنكار للنفي، وكان المناسب للمفسر تقديم هذا على قوله: ﴿ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ فإنه مرتبط بما قبله، والمعنى: أم حسبوا أن نجعلهم كائنين مثلهم مستوياً، محياهم ومماتهم؟ كلا لا يستوون في شيء منها، فإن هؤلاء في عز الإيمان والطاعة، وشرفهما في المحيا، وفي رحمة الله ورضوانه في الممات، وأولئك في ظل الكفر والمعاصي، وهو أنهما في المحيا، وفي لعنة الله والعذاب المخلد في الممات، ولا يعتبر توسعة العيش في الدنيا، فإنها بحسب القسمة الأزلية، للمؤمن والكافر ولكل دابة. قوله: (أي بئس حكماً) إلخ، مقتضى هذا الحل أن ﴿ مَا ﴾ مميزة، وحينئذ فالفاعل مستتر، وهو ينافي كونها مصدرية، لأنها في تلك الحالة تكون فاعلاً، فالمناسب لجعلها مصدرية أن يقول: ساء الحكم حكمهم. قوله: ﴿ وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾ إلخ، من تتمة قوله: ﴿ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ إلخ وهو كالدليل له، كأنه قال: لا يستوي المؤمن والكافر، بدليل أن الله خلق السماوات والأرض بالحق، أي للعبر والاستدلال، ولم يترك العباد سدى، وجازى كل نفس بما كسبت، فلا يستوي جزاء المؤمن بجزاء الكافر. قوله: (متعلق بخلق) أي على أنه حال من الفاعل أو المفعول. قوله: (ليدل على قدرته) إلخ، قدره إشارة إلى أن قوله: ﴿ وَلِتُجْزَىٰ ﴾ عطف على علة محذوفة. قوله: ﴿ وَهُمْ ﴾ أي النفوس المدلول عليها بقوله: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ﴾.
قوله: ﴿ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ أي لا ينقص من ثواب المؤمن، ولا يزاد في العذاب على ما يستحقه الكافر. قوله: (أخبرني) تقدم أن فيه مجازين، حيث أطلق الرؤية وأراد الإخبار، ثم أطلق الاستفهام على الإخبار وأراد الأمر به.


الصفحة التالية
Icon