قوله: ﴿ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى ﴾ إلخ، الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، أي أتركتم الإيمان بالرسل فلم تكن إلخ. قوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ هذا من جملة ما يقال لهم، وحينئذ فيصير المعنى: وكنتم إذا قيل لكم إن وعد الله حق، إلخ، قوله: ﴿ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ بكسر ﴿ إِنَّ ﴾ إن في قراءة العامة لحكايتها بالقول، وقرئ شذوذاً بفتحها، إجراء القول مجرى الظن في لغة سليم. قوله: (بالرفع والنصب) أي فهما قراءتان سبعيتان، فالرفع على الابتداء، وجملة ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهَا ﴾ خبره، والنصب عطفاً على اسم ﴿ إِنَّ ﴾.
قوله: ﴿ مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ ﴾ هذا على سبيل الاستغراب والاستبعاد. قوله: (إن نظن إلا ظناً) إن قلت: ما الجمع بين ما هنا وما تقدم في قوله:﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا ﴾[المؤمنون: ٣٧] فإن ما تقدم أثبت أنهم جازمون بعدم البعث، وهنا أفاد أنهم شاكون فيه، ويمكن الجواب بأن الكفار لعلهم افترقوا فرقتين: فرقة جازمة بنفي البعث وفرقة متحيرة فيه. قوله: (قال المبدر) إلخ، جواب عما يقال: إن ظاهر الآية وقوع المفعول المطلق استثناء مفرغاً، مع أن المقرر في النحو، أنه يجوز تفريغ العامل لما بعده من جميع المعمولات، إلا المفعول المطلق، فلا يقال: ما ضربت إلا ضرباً لاتحاد مورد النفي والإثبات، لأنه يصير في قوة ما ضربت إلا ضربت، ولا فائدة في ذلك، فأجاب المفسر: بأن الآية مؤولة بأن مورد النفي محذوف تقديره ﴿ نَحْنُ ﴾، ومورد الإثبات كونه نظن ظناً، فكلمة ﴿ إِلاَّ ﴾ مؤخر من تقديم، والمعنى حصر أنفسهم في الظن ونفي ما عداه. قوله: ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ مبالغة في نفي ما عدا الظن عنهم. قوله: (أي جزاؤها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (نترككم في النار) أشار بذلك إلى أن المراد من النسيان الترك مجازاً، لأن الترك مسبب على النسيان، فإن من نسي شيئاً تركه، فسمي السبب باسم المسبب، لاستحالة حقيقة النسيان عليه تعالى. قوله: (أي ترتكن العمل للقائه) أشار بذلك إلى أنه من اضافة المصدر إلى ظرفه على حد مكر الليل، وفي الكلام حذف قدره المفسر بقوله: (العمل) والمعنى: تركتم العمل للقاء الله في يومكم هذا، ولا يصح أن يكون من اضافة المصدر لمفعوله، لأن التوبيخ على نسيان ما في اليوم من الجزاء، لا على نفس اليوم.