قوله: ﴿ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ ﴾ أي في النسب لا في الدين، لأن هوداً هو وقومه ينتسبون لعاد. قوله: (هو هود) أي ابن عبد الله بن رباح، وتقدم ذكره تفصيلاً في سورة هود. قوله: (بدل اشتمال) أي فالمقصود ذكر قصته مع قومه للاعتبار بها. قوله: ﴿ بِٱلأَحْقَافِ ﴾ حال من ﴿ قَوْمَهُ ﴾ أي أنذهم، والحال أنهم مقيمون بالأحقاف. قوله: (واد باليمن) أي فهو على الوادي لا جمع، وقوله: (ومنازلهم) تفسير آخر، وعليه فهو جمع حقف وهو الرمل المستطيل، وتقدم القولان في أول السورة، وقيل: إن الأحقاف جبل بالشام. قوله: ﴿ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ ﴾ الواو اعتراضية، والخلو بالنسبة لزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى بهذه الجملة لبيان أن إنذار هود لعاد وقع وثله للرسل المتقدمين عليه والمتأخرين عنه، فلم يكن مختصاً بهود، ويحتمل أن معنى قوله: ﴿ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ ﴾ الخ، أي مضى لك ذكرهم في القرآن مراراً، فلا حاجة للإعادة، فهو ذكر لباقي القصص إجمالاً، نظير قوله تقدم:﴿ وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾[الزخرف: ٨] فتدبر. قوله: (أي من قبل هود) الخ، لف ونشر مرتب، والذين قبله أربعة: آدم وشيث وإدريس ونوح، والذين بعده: كصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وسائر بني إسرائيل. قوله: (إلى أقوامهم) متعلق بمضت لتضمنه معنى مرسلين. قوله: (أي بأن) أشار بذلك إلى أن ﴿ أَنْ ﴾ مصدرية ومخففة من الثقيلة، والباء المقدرة للتصوير. قوله: (معترضة) أي بين الإنذار ومعموله. قوله: ﴿ إِنَّيۤ أَخَافُ ﴾ علة لقوله: ﴿ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ ﴾.
قوله: ﴿ عَظِيمٍ ﴾ بالجر صفة لـ ﴿ يَوْمٍ ﴾ ووصف اليوم بالعظم لشدة هوله. قوله: ﴿ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا ﴾ أي جواباً لإنذاره، قوله: ﴿ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه. قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ ﴾ أي علم وقت إتيان العذاب عند الله، فلا علم لي بوقته، ولا مدخل في استعجاله. قوله: ﴿ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ ﴾ أي أن وظيفتي تبليغكم لا الإتيان بالعذاب، إذ ليس في طاقتي، و ﴿ أُبَلِّغُكُمْ ﴾ بسكون الباء وتخفيف اللام، وبفتحها وتشديد اللام مكسورة، قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنِّيۤ ﴾ بسكون الياء وفتحها قراءتان سبعيتان. قوله: (أي ما هو العذاب) أشار بذلك إلى أن الضمير في ﴿ رَأَوْهُ ﴾ عائد على ما في قوله: ﴿ مَا تَعِدُنَآ ﴾.
قوله: (سحايا عرض) أي فالعارض هو السحاب الذي يعرض في الأفق. قوله: ﴿ مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ﴾ أي متوجهاً إليها، والإضافة لفظية للتخفيف، وكذا هي في قوله: ﴿ مُّمْطِرُنَا ﴾ ولذا وقع المضاف في الموضعين صفة للنكرة، وهي عارضاً وعارض. قوله: (أي ممطر إيانا) أي يأتينا بالمطر. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ بَلْ هُوَ ﴾ الخ من كلامه تعالى، ويصح أن يكون كم كلام هود، رداً لقولهم ﴿ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾ وهو الأولى. قوله: (بدل من ما) أي أو خبر لمحذوف أي هي ريح. قوله: ﴿ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ الجملة صفة لـ ﴿ رِيحٌ ﴾ وكذا قوله: ﴿ تُدَمِّرُ ﴾.
قوله: (أي كل شيء أراد إهلاكه بها) تفسير لقوله: ﴿ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾.
قوله: (فأهلكت رجالهم) قدر هذا ليعطف عليه قوله: ﴿ فَأْصْبَحُواْ ﴾ الخ، روي أن هوداً لما أحس بالريح، أخذ المؤمنين ووضعهم في حظيرة، وقيل خط حولهم خطاً، فكانت الريح لا تعدو الخط، وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة، فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام، يسمع لهم أنين، ثم كشفت عنهم الرمل، واحتملتهم فقذفتهم في البحر. قوله: (وبقي هود ومن آمن معه) أي وهم آلاف، وكانت الريح تأتيهم لينة باردة طيبة، والريخ التي تصيب قومه، شديدة عاصفة مهلكة، وهي معجزة عظيم لهود عليه السلام. قوله: ﴿ فَأْصْبَحُواْ ﴾ أي صاروا. قوله: ﴿ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ بتاء الخطاب ونصب المساكن وبياء الغيبة، مبنياً للمفعول، ورفع مساكن على أنه نائب الفاعل، قراءتان سبعيتان، والمعنى: فصاروا لا يرى إلا أثر مساكنهم، لأن الريح لم تبق منها إلا الآثار، والمساكن معطلة.. قوله: (كما جزيناهم) أي عاداً. قوله: ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ ﴾ أي عاداً. قوله: (في الذي) أشار به إلى أن ما موصولة. قوله: (نافية) أي بمعنى ما، ولم يؤت بلفظها دفعاً لثقل التكرار، ويكون المعنى: ولقد مكنا عاداً في الذي مكناكم فيه، ويصح أن تكون شرطية، وجوابها محذوف، والتقدير: ولقد مكناهم في الذي إن مكناكم فيه طغيتم وبغيتم، وأوضحها أولها. قوله: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً ﴾ الخ، أفرد السمع لأن ما يدرك به متحد وهو الصوت، بخلاف ما بعده من الأبصار والأفئدة، فإنه يدرك بهما أشياء كثيرة. قوله: (أي شيئاً) أشار بذلك إلى أن ﴿ مِّن شَيْءٍ ﴾ مفعول مطلق منصوب بفتحة مقدرة، منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد. قوله: (معمولة لأغنى) أي لنفيه، فإن التعليل للنفي، والمعنى: انتفى نفع هذه الحواس عنهم، لأنهم كانوا يجحدون، الخ. قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ ﴾ الخطاب لأهل مكة. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ ﴾ أي أهلها. قوله: (هلا) أشار بذلك إلى أن ﴿ لَوْلاَ ﴾ تحضيضية. قوله: (ومفعول اتخذوا) الخ، أي والمعنى: فلا تدفع عنهم العذاب الأصنام الذين اتخذوهم قرباناً آلهة، والمقصود توبيخهم. قوله: (وآلهة بدل منه) هذا أحد أعاريب، ويصح أن يكون ﴿ آلِهَةَ ﴾ الثاني و ﴿ قُرْبَاناً ﴾ حال أو مفعول من أجله. قوله: ﴿ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ ﴾ إضراب انتقالي من نفي الدفع عنهم، إلى غيبتها عنهم بالكلية، والمعنى: لم يحضروا عندهم فضلاً عن كونهم يدفعون عنهم العذاب. قوله: ﴿ إِفْكُهُمْ ﴾ قرأ العامة بكسر الهمزة وسكون الفاء، مصدر أفك يأفك إفكاً، وقرئ شذوذاً بفتح الهمزة، وهو مصدر له أيضاً، وبفتحات فعلاً ماضياً. قوله: (وما مصدرية) أي وافتراؤهم وهو الأحسن لتناسب المعطوفين. قوله: (أي فيه) أي فحذف الجار فاتصل الضمير ثم حذف، لو قال: أي يفترونه لكان أوضح.