قوله: ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ ﴾ الخ.
﴿ كَأَيِّن ﴾ مركبة من الكاف، وأين بمعنى كم الخبرية، وهي في محل رفع مبتدأ، و ﴿ مِّن قَرْيَةٍ ﴾ تمييز لها، وقوله: ﴿ هِيَ أَشَدُّ ﴾ صفة لقرية، وقوله: ﴿ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ ﴾ صفة لـ ﴿ قَرْيَتِكَ ﴾ وقوله: ﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾ خبر المبتدأ، وسبب نزول هذه الآية، أنه لما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغارـ التفت إلى مكة وقال:" أنت أحب بلاد الله إلى الله، وأحب بلاد الله إليّ، ولو أن المشركين لم يخرجوني، لم أخرج منك "فنزلت هذه الآية تسلية له صلى الله عليه وسلم، والمعنى لا تحزن على خروجك من بلدك، فإن الله يعزك ويذلهم، فليس خروجك من مكة، إلا كخروج آدم من الجنة، من حيث أنه حصل له العز العظيم، وحصل لإبليس الذي تسبب في إخراجه الخزي العظيم. قوله: (أريد أهلها) أي فهو مجاز في الظرف، حيث أطلق المحل، وأريد الحال فيه، لا مجاز بالحذف. قوله: ﴿ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ ﴾ هذا الوصف للاحتراز عن قريته التي تكون وطنه فيما يستقبل وهي المدينة. قوله: ﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾ أي فكذلك نفعل بأهل قريتك، فاصبر كما صبر رسل أهل تلك القرى. قوله: ﴿ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ ﴾ تفريع على قوله: ﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾.
قوله: ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ ﴾ الخ، شروع في بيان أحوال المؤمنين والكافرين، والهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير: أليس الأمر كما ذكر فمن كان على بينة، الخ، والتعبير بعلى إشارى إلى تمكنهم من الحجج والبراهين، تمكن المستعلي من المستعلى عليه. قوله: ﴿ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ فيه مراعاة معنى من، كما روعي لفظها فيما سبق.