قوله: ﴿ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ ﴾ أي فلا تكذبوا عليه، فإن الله يعلمه ببواطنكم فتفضحوا. قوله: ﴿ لَوْ يُطِيعُكُمْ ﴾ الخ، حال من الضمير المجرور في ﴿ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ ﴾ والمعنى: أنه فيكم كائناً على حالة منكم يجب تغييرها، وهي أنكم تودون أن يتبعكم في كثير من الحوادث، ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهل، لكن عصمه الله رحمة بكم. قوله: (لأثمتم دون) أي فلا يأثم لعذره، وقوله: (إثم التسبب) أي لا إثم الفعل، لأنكم لم تفعلوا، قوله: (إلى المرتب) أي الذي يرتبه النبي صلى الله عليه وسلم على أخباركم ويفعله، كقتال بني المصطلق. قوله: ﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ ﴾ أي الكامل، وهو التصديق بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان، وإذا حبب إليهم الإيمان، الجامع للخصال الثلاث، لزم كراهتهم لأضدادها، فلذلك قال: ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ ﴾ الذي هو مقابلة التصديق بالجنان، والفسوق الذي هو مقابلة الإقرار باللسان، والعصيان الذي هو مقابلة العمل بالأركان. قوله: (استدرك من حيث المعنى) الخ، أشار بذلك لدفع ما قيل إن، لكن يشترط أن يكون ما بعدها مخالفاً لما قبلها، نفياً وإثباتاً، وتوضيح الجواب: أن الذين حبب إليهم الإيمان، قد غايرت صفتهم صفة المتقدم ذكرهم، فإن ما قيل: لكن يوهم أنهم على غير استقامة مع الله ورسوله، فهو استدراك بحسب المعنى. قوله: (مصدر منصوب) الخ، فيه مسامحة، إذ هو اسم مصدر، والمصدر إفضال، ويصح أن يكون مفعولاً لأجله عامله حبب، وما بينهما اعتراض، وفي هذه الآية تنبيه على أن السعادة العظمى، محبة الله ورسوله، وكراهة أهل الكفر والفسوق. قوله: (هي أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً) الخ، ذكر القصة مختصرة، ورواه الشيخان بطولها وحاصلها: أنه روي عن أسامة بن زيد، أنه صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه إكاف، تحته قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: فسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى مر على مجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، وإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغيروا عليناـ فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله تعالى، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول، أي لا شيء أحست منه إن كان حقاً، فلا تؤذنا به في مجالسنا وارجع إلى رحلك، فمن جاء فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فأغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فما لبث المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتحاربون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا. اهـ. قوله: (ومر على ابن أبي) أي وكان من الخزرج، وقوله: (فقال ابن رواحة) أي وكان من الأوس. قوله: (وسد ابن أبي أنفه) أي وقال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك. قوله: (فكان بين قوميهما) أي وهما الأوس والخزرج. قوله: (والسعف) أي وهو جريدة النخل، إذا كان عليه الخوص، فإن جرد منه قيل له عسيب. قوله: (وقرئ) أي شذوذاً. قوله: ﴿ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا ﴾ أي أبت النصحية والإجابة إلى حكم الله. قوله: ﴿ حَتَّىٰ تَفِيۤءَ ﴾ ﴿ حَتَّىٰ ﴾ هنا للغاية، والنصب بأن المضمرة بعدها، أي إلى أن ترجع إلخ. قوله: ﴿ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ ﴾ أي النصح والدعاء إلى حكم الله. قوله: (بالإنصاف) أي فلا تجوروا على إحدى الطائفتين، بل احكموا بينهما بالإنصاف. قوله: (اعدلوا) أشار به أن أقسط معناه عدل، فهمزته للسلب، بخلاف قسط، فمعناه جار، قال تعالى:﴿ وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً ﴾[الجن: ١٥].