قوله: (ولشبه هذا الرغم) الخ، أشار بذلك إلى وجه المناسبة بين الآيتين، ووجه الشبه بين الزعمين، أن كلاً منهما فاسد، وإن كان الزعم الأول فرضياً، والثاني تحقيقياً لوقوعه منهم. قوله: (أي بزعمكم) أي دعواكم واعتقادكم. قوله: ﴿ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ ﴾ أي لتكونوا أقوى منه، فإذا كذبتم رسله، تكونون آمنين لقوتكم بالبنين، وزعمكم ضعفه بالبنات. قوله: (تعالى الله عما زعموه) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري. قوله: ﴿ مُّثْقَلُونَ ﴾ أي متعبون ومغتمون، لأن العادة من غرم شخصاً ما، لا يكون المأخوذ منه كارهاً للآخذ ومغتماً منه. قوله: ﴿ أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ ﴾ جواب لقولهم:﴿ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ ﴾[الطور: ٣٠] والمعنى أعندهم علم الغيب بأن الرسول يموت قبلهم؟ فهم يكتبون ذلك. قوله: ﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً ﴾ أي مكراً وتحيلاً في هلاكك. قوله: (في دار الندوة) إن قلت: السورة مكية، والاجتماع بدار الندوة كان ليلة الهجرة، فالتقييد بها مشكل، فالأوضح حذف قوله في دار الندوة، لأن إرادة الكيد حاصلة منهم من يوم بعثته صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أوقع الظاهر موقع المضمر، تشنيعاً وتقبيحاً عليهم بصفة الكفر. قوله: (ثم أهلكهم ببدر) أي أهلك رؤساءهم وهم سبعون. قوله: ﴿ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي تنزه الله عما ينسبونه له من الشركة في الألوهية. قوله: (والاستفهام بأم) أي المقدرة ببل والهمزة أو بالهمزة وحدها، وقوله: (في مواضعها) وهي خمسة عشر. قوله: (للتقبيح والتوبيخ) أي والإنكار. قوله: ﴿ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً ﴾ أي على فرض حصوله، فإنه لم يحصل لقوله تعالى:﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾[الأنفال: ٣٣] والمعنى: لو عذبناهم بسقوط قطع من السماء عليهم، لم ينتهوا ولم يرجعوا، ويقولون في هذا النازل عناداً واستهزاءً وإغاظة لمحمد إنه سحاب مركوم. قوله: (فأسقط علينا كسفاً) هذه الآية إنما وردت في قوم شعيب، كما ذكر في سورة الشعراء، فكان الأولى للمفسر أن يستدل بما نزل في قريش في سورة الإسراء وهو قوله:﴿ أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً ﴾[الإسراء: ٩٢].
قوله: ﴿ فَذَرْهُمْ ﴾ جواب شرط مقدر، والمعنى: إذا بلغوا في العناد إلى هذا الحد، وتبيّن أنهم لا يرجعون عن الكفر، فدعهم ولا تلفت لهم. قوله: ﴿ يُصْعَقُونَ ﴾ هكذا ببنائه للفاعل والمفعول، قراءتان سبعيتان. قوله: (ويموتون) أي بانقضاء آجالهم في بدر أو غيرها، هذا هو الأحسن. قوله: (من العذاب في الآخرة) المراد به العذاب الذي يأتي بعد الموت. قوله: ﴿ دُونَ ذَلِكَ ﴾ أي قبل العذاب الذي يأتيهم بعد الموت، وذلك صادق كما قال المفسر: بالجوع والقحط والقتل يوم بدر. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي لتزيين الشيطان له ما هم عليه، والمراد بالأكثر من سبق في علم الله شقاؤه. قوله: (بمرأى منا) أي فأطلقت الأعين وأريد لازمها، وهو إبصار الشيء والإحاطة به علماً وقرباً، فيلزم منه مزيد منه مزيد الحفظ للمرئي الذي هو المراد، وعبر هنا بالجمع لمناسبة نون العظمة، بخلاف ما ذكر في سورة طه في قوله:﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ ﴾[طه: ٣٩].
قوله: (من منامك) أي فقد ورد عن عائشة قالت:" كان إذا قام أي استيقظ من منامه، كبر عشراً، وحمد الله عشراً، وسبّح عشراً، وهلّل عشراً، واستغفر عشراً، وقال: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني، وكان يتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة "وفي رواية" كان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه قرأ العشر الآيات من آخر آل عمران ". قوله: (أو من مجلسك) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جلس مجلساً فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كان كفارة لما بينهما "وفي رواية:" كان كفارة له ". قوله: (أي عقب غروبها) المراد بغروبها ذهاب ضوئها لغلبة ضوء الصبح عليه، وإن كانت باقية في السماء وذلك بطلوع الفجر. قوله: (أو صلّ في الأول) أي الليل، فهذا راجع لقوله: ﴿ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ ﴾ وأما ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ فالمراد به حقيقة التسبيح على كل حال. قوله: (وفي الثاني الفجر) أي الركعتين اللتين هما سنة الصبح، وقوله: (وقيل الصبح) أي فريضة صلاة الصبح.