قوله: ﴿ إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ ﴾ استئناف مسوق لبيان مبادي الموعود من العذاب، وذلك لأنه جرت عادة الله تعالى، أنه إذا أراد تعذيب قوم، اقترحوا آية ولم يؤمنوا بها، ورد أنهم قالوا لصالح عليه السلام: نريد أن نعرف المحق منا، بأن ندعو آلهتنا وتدعو إلهك، فمن أجابه إلهه علمنا أنه المحق، فدعوا أوثانهم فلم تجبهم فقالوا: ادع أنت فقال: فما تريدون؟ قالوا: تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء وبراء، فأجابهم إلى ذلك بشرط الإيمان، فوعدوه بذلك وأكدوا، فكذبوه ثانياً بعدما كذبوا أولاً في آلتهم تجيبهم. قوله: (من الهضبة) بفتح الهاء وسكون الضاد، وهو الجبل المنبسط على الأرض، ويجمع على هضب وهضاب. قوله: ﴿ فِتْنَةً لَّهُمْ ﴾ مفعول لأجله. قوله: (بدل من تاء الافتعال) أي لوقوعها إثر حرف من حروف الإطباق وهو الصاد. قوله: ﴿ وَنَبِّئْهُمْ ﴾ أي أخبرهم. قوله: ﴿ أَنَّ ٱلْمَآءَ ﴾ أي وهو ماء بئرهم الذي كانوا يشربون منه. قوله: ﴿ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ﴾ (وبين الناقة) ظاهره أن الضمير في بينهم واقع عليهم فقط، وأن الكلام حذف الواو مع ما عطفت، والأسهل أن الضمير واقع عليهم وعلى الناقة، على سبيل التغليب. قوله: (ويوم لها) أي فكانت لا تبقي شيئاً في البئر، ويومها يكتفون بلبنه. قوله: ﴿ فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ ﴾ مرتب على محذوف قدره بقوله: (فتمادوا على ذلك) الخ، والمعنى: أنهم بقوا على ذلك مدة، ثم ملوا من ضيق الماء والمرعى عليهم وعلى مواشيهم، فأجمعوا على قتلها، فقال بعضهم لبعض: نكمن للناقة حيث تمر إذا صدرت عن الماء، فاجتمعوا وكمن لها قدار ابن سالف في أصل شجرة في طريقها التي تمر بها، فرماها فقطع عضلة ساقها، فوقعت وأحدثت ورغت رغاءة واحدة ثم نحرها. قوله: (موافقة لهم) قصد بذلك الجمع بين ما هنا وما في الشعراء حيث قال (فعقروها) فتحصل أن مباشرة القتل كان منه، لكن إجماعهم عليه. قوله: ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً ﴾ أي صاح بهم جبريل في اليوم الرابع من عقر الناقة، وذلك أن عقرها يوم الثلاثاء، فتوعدهم صالح بالعذاب، وأخبرهم بأنهم يصبحون يوم الأربعاء صفر الوجوه، ويوم الخميس حمر الوجوه، ويوم الجمعة سود الوجوه، وفي السبت ينزل بهم العذاب، وكان الأمر كما ذكر. قوله: ﴿ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ ﴾ تشبيه لإهلاكهم، والحظيرة زريبة الغنم ونحوها، والمحتظر بكسر الظاء اسم فاعل، وهو الذي يتخذ حظيرة من الحطب وغيره، لتكون وقاية لمواشيه من الحر والبرد والسباع.