قوله: ﴿ أَوْ ﴾ (مثلهم) يصح أن تكون للتنويع أو للإبهام أو الشك أو الإباحة أو التخيير أو الإضراب أو بمعنى الواو وأحسنها الأول. قوله: (أي كأصحاب مطر) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، والمثل هنا بمعنى الصفة كما تقدم. قوله: (وأصله صيوب) أي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء. قوله: (السحاب) أشار بذلك إلى أن المراد بالسماء السماء اللغوية وهي كما ما ارتفع، وأصل سماء سماو وقعت الواو متطرفة فقلبت همزة. قوله: (أي السحاب) المناسب عود الضمير على الصيب. قوله: ﴿ ظُلُمَٰتٌ ﴾ أي ظلمة الريح والسحاب والليل. قوله: (هو الملك) أي وعليه قوله تعالى:﴿ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾[الرعد: ١٣].
قوله: (وقيل صوته) أي: فقوله تعالى يسبح الرعد أي ذو الرعد. قوله: (لمعان صوته) أي الآلة التي يسوق بها وهي من نار. قوله: (أي أصحاب الصيب) أي فهو بيان للواو في يجعلون. قوله: (أي أناملها أشار بذلك إلى أن في الأصابع مجازاً من باب تسمية الجزء باسم الكل مبالغة في شدة الحرص في إدخال رأس الأصبع فكأنه مدخل لها كلها. قوله: (شدة صوت الرعد) الإضافة بيانية إن كان المراد بالرعد صوت الملك. وحقيقته إن كان المراد به ذاته. قوله: (كذلك هؤلاء) أي المنافقون. قوله: (علماً وقدرة) تمييزان محولان عن الفاعل، والأحاطة الإحتواء على الشيء كاحتواء الظرف على المظروف، وهي محالة في حقه تعالى، فأشار المفسر إلى دفع ذلك بقوله: علماً وقدرة أي فالمراد الإحاطة المعنوية، وهي كونهم مقهورين، فلا يتأتى منهم فوات ولا إفلات، قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً ﴾[فاطر: ٤٤]؟قوله ﴿ يَكَادُ ٱلْبَرْقُ ﴾ هذا من تمام المثل، وأما قوله: ﴿ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ فجملة معترضة بين أجزاء المشبه به جيء بها تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وأصل يكاد يكود بفتح الواو نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فتحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً، وأصل ماضيها كود بكسر الواو تحركت الواو وانفتحت ما قبلها قلبت ألفاً، وهذا التصريف في الناقصة، وأما التامة ففعلها يائي وهي بمعنى المكر، قال تعالى:﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ﴾[الطارق: ١٥] وأصل مضارعها يكيد بسكون الكاف وكسر الياء نقلت كسرة الياء إلى الكاف فصحت الياء. قوله: ﴿ يَخْطَفُ ﴾ بفتح الطاء مضارع خطف بفتح الطاء وكسرها. قوله: ﴿ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ ﴾ كل بحسب ما تضاف إليه وما نكرة بمعنى وقت، فكل ظرفية والعامل فيها مشوا وفاعل أضاء يعود على البرق، وأضاء يحتمل أن يكون متعدياً، والمفعول محذوف التقدير كل وقت أضاء لهم البرق طريقاً ﴿ مَّشَوْاْ فِيهِ ﴾ فالضمير في فيه عائد على الطريق، ويحتمل أن يكون لازماً، والضمير عائد على الضوء. قوله: (تمثيل) أي من باب تمثيل الجزئيات بالجزئيات فقوله من الحجج أي المشبهة بالرعد والبرق الخاطف، وقوله: (وتصديقهم لما سمعوا فيه ما تحبون) أي من الآيات الموافقة لطبعهم كالقسم لهم من الغنائم وعدم التعرض لهم وأموالهم، وأشار بذلك بقوله: ﴿ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ ﴾، فكذلك هؤلاء، وقوله: (ووقوفهم عما يكرهون) أي من التكاليف كالصلاة والصوم والحج والحكم عليهم، قال تعالى:﴿ وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾[النور: ٤-٤٩] وأشار إلى ذلك بقوله: ﴿ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ ﴾.
قوله: ﴿ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ ﴾ يحتمل أن هذا من تعليقات المشبه به الذي هو أصحاب الصيب، التقدير لولا مشيئة الله سبقت لخطف البرق أبصارهم ولأذهب الرعد أسماعهم، فإن ما ذكر سبب عادي لإذهاب السمع والبصر، ولكن قد يوجد السبب ولا يوجد المسبب لتخلف المشيئة، والمقصود من ذلك زيادة القوة في المشبه به ويلزم منه القوة في المشبه، وهذا ما عليه أبو حيان والبيضاوي، ويحتمل أنه من تعلقات المشبه وهم المنافقون، وعليه المفسر حيث أشار لذلك بقوله كما ذهب بالباطنة. قوله: (بمعنى أسماعهم) أشار بذلك إلى أن السمع بمعنى الإسماع. وقوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ هذا دليل لما قبله. قوله: (شاءه) دفع بذلك ما يقال إن الشيء هو الموجود ومن ذلك ذات الله وصفاته وكل للإستغراق، فيقتضي أن القدرة تتعلق بالواجبات فدفع ذلك بقوله شاءه أي أراده، والإرادة لا تتعلق إلا بالممكن، فكذا القدرة فخرجت ذات الله وصفاته فلا تتعلق بهما القدرة إلا لزم، إما تحصيل الحاصل أو قلب الحقائق. قوله: ﴿ قَدِيرٌ ﴾ من القدر وهو صفة أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بالممكنات إيجاداً أو إعداماً على وفق الإرادة والعلم. قوله: (ومنه إذهاب ما ذكره) أي من جملة الشيء الذي شاءه، وقوله ما ذكره أي السمع والبصر.


الصفحة التالية
Icon