قوله: ﴿ كَتَبَ ٱللَّهُ ﴾ ضمنه معنى أقسم، ولذا يجاب بما يجاب به القسم وهو قوله: ﴿ لأَغْلِبَنَّ ﴾ ويصح أن يبقى على ظاهره أو بمعنى قضى، وعليهما اقتصر المفسر، ويكون قوله: ﴿ لأَغْلِبَنَّ ﴾ جواباً لقسم محذوف. قوله: (بالحجة أو السيف) أو مانعة خلو تجوز الجمع. فالرسول يغلب تارة بالسيف، وتارة بالبراهين والدلائل، وتارة بهما معاً. قوله: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ﴾ أي إيماناً صحيحاً، فالمؤمن الموصوف بهذه الصفة، لا يمكن أن يصادق الكفار ويحبهم بقلبه، لأنه إن فعل ذلك، لم يكن صادقاً في إيمانه، بل يكون منافقاً كما قال الشاعر: إذا وفى صديقك من تعادي   فقد عاداك وانفصل الكلاموأما البشاشة في وجوه الكفار ظاهراً لأجل الضرورات، فلا بأس بها لما في الحديث:" إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم ". قوله: ﴿ يُوَآدُّونَ ﴾ مفعول ثان لتجد إن كان بمعنى تعلم، وإن كان بمعنى تقلى فالجملة حال من ﴿ قَوْماً ﴾ أو صفة ثانية له، وقدم أولاً الآباء لأنهم تجب طاعتهم، ثم الأبناء لأنهم أعلق بالقلب، ثم الاخوان لأنهم الناصرون للشخص، بمنزلة العضد من الذراع ثم العشيرة، لأن بها يستغاث وعليها يعتمد. قوله: (كما وقع لجماعة من الصحابة) روي عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قالوا ﴿ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ ﴾ يعني أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح أو أبناءهم يعني أبا بكر الصديق، دعا ابنه يوم بدر للبراز وقال: يا رسول الله دعني أكن في الرغلة الأولى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: متعنا بنفسك يا أبا بكر، أو إخوانهم يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد من عمير يوم أحد، أو عشريتهم يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاصي بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة قتلوا بني عمهم عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر. وروي أيضاً: أن عبد الله بن عبد الله بن أبي، هم بقتل أبيه، فمنعه رسول الله، ووقع لأبي بكر الصديق أنه صك أباه أبا قحافة، حيث سمعه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ بِرُوحٍ ﴾ (بنور) وقيل: الروح النصر، وقيل القرآن والحجج، وقيل هو جبريل عليه السلام يأتيهم عند الموت فيطرد الفتانات عنهم. قوله: (رضي الله عنهم) أي عاملهم معاملة الراضي، بأن وفقهم للطاعات، وقبلها منهم، وأثابهم عليها. قوله: (الفائزون) أي بخير الدنيا والآخرة.


الصفحة التالية
Icon