قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ بيان لبعض آثار قدرته تعالى الباهرة الظاهرة. قوله: ﴿ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾ حال من ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾.
قوله: (هم بنو النضير من اليهود) أي وهم من ذرية هارون عليه السلام، نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل ينتظرون بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ليدخلوا في دينه. قوله: (بالمدينة) أي أرضها بالقرب منها، وذلك كانوا بقرية بينها وبين المدينة ميلان. قوله: ﴿ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ ﴾ متعلق بأخرج، وإضافة أول للحشر من إضافة الصفة للموصوف، أي للحشر الأول، واعلم أن الحشر أربع: فالأول إجلاء بني النضير، ثم بعده إجلاء أهل خيبر، ثم في آخر الزمان تخرج نار من قعر عدن تسوق الناس، ثم في يوم القيامة حشر جميع الخلق. قوله: (إلى خيبر) صوابه من خيبر كما صرح به غيره، وذلك أن عمر أجلى اليهود من خيبر وجميع جزيرة العرب، إلى أذرعات وأريحاء من الشام. قوله: ﴿ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ ﴾ أي لما كان بهم من القوة وشدة البأس وكثرة أعوانهم من قريظة وقريش، وبكم من الضعف وقلة العدد. قوله: (به تم الخبر) أي بالفاعل تم خبر ﴿ أَن ﴾ ومحصلة أن الضمير اسم ﴿ أَن ﴾ و ﴿ مَّانِعَتُهُمْ ﴾ خبرها، و ﴿ حُصُونُهُم ﴾ فاعله، ويصح أن ﴿ مَّانِعَتُهُمْ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ حُصُونُهُم ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر ﴿ أَن ﴾.
قوله: (أمر وعذابه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، وبه اندفع ما أوهمه ظاهرة الآية، من أن الله تعالى يوصف بالإتيان، فأفاد بأن الآية من قبيل المتشابه، وأوله بتقدير مضاف نظير﴿ وَجَآءَ رَبُّكَ ﴾[الفجر: ٢٢].
قوله: (لم يخطر ببالهم) تفسير لقوله: ﴿ لَمْ يَحْتَسِبُواْ ﴾.
قوله: (من جهة المؤمنين) إضافة جهة لما بعده بيانية. والمعنى: جاءهم عذاب الله من جهة لا تخطر ببالهم وهم المؤمنون، لأنهم مستضعفون بالنسبة لهم، فلا يخطر ببالهم أنهم يقدرون عليهم. قوله: ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ﴾ أي أنزله فيها بشدة، قوله: (بسكون العين وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بقتل سيدهم) أي وكان قتله في ربيع الأول من السنة الثالثة كما تقدم. قوله: ﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ ﴾ مستأنف أتى به للأخبار عنهم بذلك. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما سبعيتان. قوله: (من أخرب) راجع للتخفيف، وأما التشديد فهو من خرب. قوله: (من خشب) بفتحتين وضمتين وضم وسكون جمع خشبة. قوله: ﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ أي من داخل الحصون، وقوله: ﴿ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي من خارجها ليدخلوها، وعطفها على أيديهم من حيث إنهم سبب في ذلك، لأن بني النضير لما نقضوا العهد، كأنهم سلطوا المؤمنين على تخريب دورهم. قوله: ﴿ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ ﴾ أي اتعظوا بحالهم ولا تغتروا ولا تعتمدوا على غير الله، فالاعتبار النظر في حقائق الأشياء، ليستدل بها على شيء آخر. قوله: ﴿ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ ﴾ الخ.
﴿ أَن ﴾ مصدرية، وهي وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، وخبره محذوف وجوباً، والتقدير لولا الكتب موجود. قوله: ﴿ ٱلْجَلاَءَ ﴾ بالفتح والمد، يطلق على الخروج من الوطن والاخراج منه، وهو المراد هنا، ويطلق على الأمر الجلي الواضح. قوله: ﴿ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ ﴾ كلام مستأنف مبين لعاقبتهم كأنه قال: إن نجوا في الدنيا من القتل، لم ينجوا في الآخرة من العذاب الدائم، فهو ثابت لهم على كل حال. قوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي المذكور من العذابين بسبب أنهم الخ. قوله: ﴿ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ ﴾ ﴿ مَن ﴾ شرطية، وقوله: ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ ﴾ الخ إما نفس الجزاء وحذف منه العائد، وقد قدره المفسر بقوله: (له) أو تعليل للجزاء المحذوف أي يعاقبه، وعلى كل فالشرط وجوابه تتميم لما قبله، وتقدير لمضمونه وتحقيق لسببه.