قوله: (تمييز) أي محمول عن الفاعل، والأصل كبر مقت قولهم، والمقت أشد البغض، وهو من أمثلة التعجب في مقام الذم. قوله: (ينصر ويكرم) هذا معنى المحبة في حق الله لأن حقيقتها وهو ميل القلب مستحيل على الله، ومن لازم الميل الإكرام والنصر، فأطلق على الله باعتبار هذا الكلام. قوله: (حال) أي من الواو في ﴿ يُقَاتِلُونَ ﴾ وقوله: (أي صافين) فسره بمشتق لصحة الحالية، ومفعوله محذوف أي أنفسهم. قوله: (ملزق بعضه إلى بعض) أي كأنه بني بالرصاص، أو معنى المرصوص: الملتئم الأجزاء، المستويها، المحكمها، ومن كان كذلك لا يهزم ولا يقام. قوله: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ ﴾ ذكر قصة موسى وعيسى اجمالاً، تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام، ليصبر على أذى قومه، وتذكيراً لتفاصيلها المتقدمة، وابتدأ بقصة موسى لاسبقيته في الزمن. قوله: (قالوا إنه آدر) وسبب تهمتهم له بذلك، ستره للعورة من صغره فلم يروه فعيبوه بذلك، وتقدم ذلك عن قوله تعالى﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ ﴾[الأحزاب: ٦٩] الآية. قوله: (وكذبوه) معطوف على (قالوا) أي عيبوه في جسمعه، وأنكروا ما جاء به وكذبوه. قوله: ﴿ وَقَد ﴾ (للتحقيق) أي تحقق علمهم برسالته، وذلك يوجب تعظيمه ويمنع ايذاءه. قوله: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ مقتضى هذا التركيب، أن زيغهم لازاغة الله قلوبهم، مع أن الأمر بالعكس، لأن العبد لا يزيغ، إلا إن أزاغه الله وصرفه عن الهدى. وأجيب: أنهم لما فعلوا سبب الزيغ، وهو إيذاء موسى، أزاغ الله قلوبهم عن الهدى وقت إيذائهم، على وفق ما أراده أزلاً، وقد أشار لذلك المفسر، ويشهد لذلك قضية إبليس، فإنه كانت مطيعاً، فلما خالف مولاه وعاند زاغ، فأزاغ الله قلبه وطرده، موافقة لما نجزه بإرادته أزلاً، فزيغ العبد سبب لازاغة الله له، باعتبار إظهاره القدرة لذلك الآن، على وفق ما أراده الله ونجزه أزلاً فليحفظ. قوله: (الكافرين في علمه) هذا جواب عما يقال: إن الله هدى كثيراً من الكفار بأن وفقهم للإسلام. وحاصل الجواب: أن من أسلم وهداه الله، لم يكن في الأزل مكتوباً كافراً، وأما من علم الله كفره في الأزل يهديه، ولا بد من موته على الكفر، ولو عاش طول عمره مسلماً.