قوله: ﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ ﴾ الخ، حكاية لبعض قبائحهم التي قالوها. قوله: (من غزة بني المصطلق) وكانت في السنة الرابعة، وقيل في الثالثة، وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجتمعون لحربه، وقائدهم الحرث بن أبي ضرار، وهو أبو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمع ذلك، خرج اليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل فوقع القتال، فهزم الله المصطلق، وأمكن رسوله من أبنائهم ونسائهم وأموالهم، وكان سبيهم سبعمائة، فلما أخذ النبي جويرية من السبي لنفسه أعتقها وتزوجها، فقال المسلمون: صار بنو المصطلق أصهار رسول الله، فأطلقوا ما بأيديهم من السبي إكراماً لرسول الله، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: ما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية، ولقد اعتق بتزويج رسول الله لها مائة أهل بيت من بني المصطلق. قوله: ﴿ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ ﴾ الجملة حالية، أي قالوا ما ذكر، والحال أن العزة لله الخ، وعزة الله قهره وغلبته لأعدائه، وعزة رسوله اظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين نصر الله إياهم على أعدائهم. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ختم هذه الآية بلا يعلمون، وما قبلها بلا يفقهون، لأن الأول متصل بقوله:﴿ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾[المنافقون: ٧] وفي معرفتها غموض يحتاج إلى فقه، فناسب نفي الفقة، وهذا متصل بقوله: ﴿ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ ﴾ الخ، وفي معرفته غموض زائد يحتاج إلى علم، فناسب نفي العلم عنهم. قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ الخ، نهي للمؤمنين عن التشبه بالمنافقين، في الاغترار بالأموال والأولاد. قوله: (الصلوات الخمس) هذا قول الضحاك، وقال الحسن: عن جميع الفرائض، وقيل عن الحج والزكاة، وقيل عن قراءة القرآن، وقيل عن سائر الأذكار وهو الأتم. قوله: ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ ﴾ أي لإيثارهم الفاني على الباقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً ". قوله: ﴿ مَّا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ من تبعيضية، وفي التبعيض بإسناد الرزق منه تعالى إلى نفسه، زيادة ترغيب في الامتثال، حيث كان الرزق له تعالى بالحقيقة، ومع ذلك اكتفى منهم ببعضه. قوله: ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ ﴾ أي أماراته ومقدماته. قوله: ﴿ فَيَقُولَ رَبِّ ﴾ معطوف على ﴿ أَن يَأْتِيَ ﴾ مسبب عنه. قوله: (بمعنى هلا) أي التي معناها التحضيض، ويخص بما لفظه ماض، وهو في تأويل المضارع كما هنا، واللائق هنا أن تكون بمعنى العرض الذي هو الطلب بلين ورفق، لاستحالة معنى التحضيض هنا الطلب بحث وإزعاج. قوله: (ولو التمني) أي والتقدير على هذا، ليتك أخرتني إلى أجل قريب. قوله: ﴿ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾ أي زمن قليل، فأستدرك فيه ما فاتني. قوله: (بالزكاة) أي وبكل حق واجب، كالديون وحقوق العباد. قوله: ﴿ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾ برسم بدون واو كما في خط المصحف، وأما اللفظ ففيه قراءتان سبعيتان إثبات الواو والنصب بالعطف على ﴿ فَأَصَّدَّقَ ﴾ المنصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية في جواب العرض، أو التمني وحذف الواو والجزم بالعطف على ﴿ فَأَصَّدَّقَ ﴾ لملاحظة جزمها في جواب الطلب، أي إن أخرتني أصدق وأكن. قوله: (عند الموت) أي رؤية امارته كما تقدم. قوله: ﴿ وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً ﴾ جملة مستأنفة جواب عن سؤال مقدر تقديره هل يؤخر هذا التمني؟ فقال: ﴿ وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً ﴾ الخ، وهو نكرة في سياق النفي تعم، قوله: (بالياء والتاء) أي فالباء لمناسبة قوله: ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ ﴾ والتاء المثناة فوق لمناسبة قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ﴾.
- تتمة - استنبط بعضهم في هذه الآية عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السورة تمام ثلاث وستين، وعقبت بالتغابن الذي هو ظهور الغبن بوفاته صلى الله عليه وسلم وهو من المعاني الإشارية.