قوله: ﴿ وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ ﴾ الخ، سبب نزولها: أنه لما نزل قوله تعالى:﴿ وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ ﴾[البقرة: ٢٢٨] قال خلاد من النعمان: يا رسول الله، فما عدة التي لم تحض، وعدة التي انقطع حيظها، وعدة الحبلى؟ فنزلت، واللاء اسم موصول مبتدأ، و ﴿ يَئِسْنَ ﴾ صلته، وقوله: ﴿ مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾ حال من الضمير في ﴿ يَئِسْنَ ﴾ والشرط وجوابه خبره، أو قوله: ﴿ فَعِدَّتُهُنَّ ﴾ خبره، وجواب الشرط محذوف تقديره: فاعلموا أنها ثلاثة أشهر، والشرط وجوابه مقدر معترض بين المبتدأ وخبره، والأول أحسن. قوله: ﴿ يَئِسْنَ ﴾ أي وأول سن اليأس ستون سنة، وما بين الخمسين والستين يسأل النساء، فإن جزمن بأنه حيض أو شككن فحيض، وإلا فليس بحيض، وما قبل الخمسين حيض قطعاً. قول: (شككتم في عدتهن) أي جهلتم قدرها، والقيد لبيان الواقع فلا مفهوم له، بل عدتها ما ذكر، سواء علموا أو جهلوا، لكن الواقع في نفس الأمر، أن السائلين كانوا جاهلين بقدرها. قوله: ﴿ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ (لصغرهن) أي عدم بلوغهن أوان الحيض كبنت تسع، ومثل الصغيرة من لم تر الحيض أصلاً، وتسميها النساء البغلة، وأما معتادة الحيض وتأخر حيضها بلا سبب أو بسبب مرض، أو استحيضت ولم تميز، فإنها تمكث عند مالك سنة بيضاء وتحل للأزواج، ثم إن احتاجت لعدة بعد ذلك كانت كالآيسة والصغيرة، وأما من تأخر حيضها لرضاع، أو استحيضت وميزت، أو كان حيضها يأتي بعد سنة أو سنتين إلى خمس، فلا تعتد إلا بالحيض، فإن زادت عادتها عن خمس، فالذي لأبي الحسن على المدونة أنها تعتد بسنة بيضاء من أول الأمر، وقيل بثلاثة أشهر كالآيسة والصغيرة، فليحفظ هذا المقام. قوله: (فعدتهن ثلاثة) أشار بذلك إلى أن قوله واللاء مبتدأ، وجملة ﴿ لَمْ يَحِضْنَ ﴾ صلته، والخبر محذوف قدره المفسر جملة، والأولى تقديره مفرداً بأن يقول مثلهن أو كذلك. قوله: (والمسألتان) أي مسألة الآيسة ومسألة الصغيرة. قوله: (في غير المتوفى عنهن) أي فما هنا مخصوص بآية البقرة. قوله: ﴿ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ ﴾ مبتدأ و ﴿ أَجَلُهُنَّ ﴾ مبتدأ ثان، و ﴿ أَن يَضَعْنَ ﴾ خبر الثاني، والثاني وخبره خبر الأول و ﴿ ٱلأَحْمَالِ ﴾ جمع حمل بفتح الحاء كصحب وأصحاب، اسم لما كان في البطن أو على رأس الشجر، وبالكسر اسم لما كان على ظهر أو رأس. قوله: (أو متوفى عنهن ازواجهن) أشار بذلك إلى بقاء عمموم ﴿ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ ﴾ فهو مخصص لآية﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ﴾[البقرة: ٢٢٨] أي ما لم يكن حوامل، وحاصل الفقه في هذا المقام، أن النساء قسمان: مطلقات ومتوفى عنهن، وفي كل إما حرائر أو إماء، فعدة الحرة المدخول بها المطلقة ذات الحيض ثلاثة قروء، واليائسة والصغيرة ثلاثة أشهر، والأمة المدخول بها المطلقة ذات الحيض قرءان، فإن كن حوامل فوضع الحمل حرة أو أمة، وعدة المتوفى عنها إن كانت حرة أربعة أشهر وعشر مطلقاً مدخولاً بها أو لا، والأمة شهران وخمس ليال، والحوامل وضع الحمل، وانظر تفاصيل ذلك في الفروع. قوله: (المذكور في العدة) أي في تفاصيلها. قوله: ﴿ أَنزَلَهُ ﴾ أي بينه ووضحه. قوله: ﴿ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ﴾ الخ، كرر التقوى لعلمه سبحانه وتعالى بأن النساء ناقصات عقل ودين، فلا يصبر على أمورهن إلا أهل التقوى.


الصفحة التالية
Icon