قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ أي اتصفوا بالإيمان. قوله: (بفتح النون) أي على أنه صيغة مبالغة كالشكور صفة لتوبة، أي بلغت الغابة في الخلوص، قوله: (وضمها) أي فهو مصدر يقال: نصح نصحاً ونصوحاً، كشكر شكراً وشكوراً، وصفت به التوبة مبالغة على حد: زيد عدل، والقراءتان سبعيتان، قوله: (صادقة) راجع لكل من القراءتين. قوله: (بأن لا يعاد إلى الذنب) الخ، هذا أحد ثلاثة وعشرين قولاً في تفسير التوبة النصوح، كلها ترجع إلى التي استجمعت الشروط، واعلم أن التوبة مما لا يتعلق به حق لآدمي لها شروط ثلاثة: أن يقلع عن المعصية في الحال، وأن يندم على ما فعله، وأن يعزم على أنه لا يعود وإن كانت متعلقة بحق آدمي، فيزاد على هذه الثلاثة رد المظالم إلى أهلها إن أمكن، وإلا فيكفي استسماحهم، وهي واجبة من كل ذنب كان كبيرة أو صغيرة بإجماع لما ورد:" يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة "وفي رواية" إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "وورد:" أن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها "إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في التوبة. قوله: (ترجية تقع) أشار بذلك إلى أن هذا الترجي واجب الوقوع على القاعدة المتقدمة، أن كل ترج من الله في القرآن فهو واقع لكونه بمنزلة التحقيق وترجية كتزكية. قوله: ﴿ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ ﴾ إما منصوب بيدخلكم أو بأذكر مقدراً. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ ما معطوف على ﴿ ٱلنَّبِيَّ ﴾ فالوقف على قوله: ﴿ مَعَهُ ﴾ ويكون قوله: ﴿ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ ﴾ مستأنفاً أو حالاً أو مبتدأ خبره جملة ﴿ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ ﴾.
قول: ﴿ وَ ﴾ (يكون) ﴿ بِأَيْمَانِهِمْ ﴾ قدره دفعاً لما يتوهم من تسليط يسعى على الأيمان أنه وإن كان في جهتها إلا أنه بعيد عنها، فأفاد أنه كما يكون في جهة الأيمان يكون قريباً منها، وتقدم ذلك في سورة الحديد. قوله: (والمنافقون يطفأ نورهم) عطب سبب، أي أن سبب قول المؤمنين ما ذكر، أنهم يرون المنافقين يتقد لهم نور في نظير إقرارهم بكلمة التوحيد، فإذا مشوا طفئ، فيمشون في ظلمة فيقعون في النار، فإذا رأى المؤمنون هذه الحالة، سألوا الله دوامه حتى يوصلهم إلى الجنة، والجنة لا ظلام فيها. إن قلت: كيف يخافون من طفء نورهم مع أنهم آمنون، لا يحزنهم الفزع الأكبر؟ أجيب: بأن دعاءهم ليس من خوف ذلك، بل تلذذاً وطلباً لما هو حاصل لهم من الرحمة. قوله: ﴿ وَٱلْمُنَافِقِينَ ﴾ (باللسان والحجة) إنما خصهم بذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بقتالهم بالسيف لأنهم مسلمون ظاهراً، والإسلام بقي من قتال السيف، وإنما أمر بفضيحتهم وإخراجهم من مجلسه كما تقدم ذلك. قوله: ﴿ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ أي شدد عليهم في الخطاب، ولا تعاملهم باللين. قوله: (بالانتهار) أي الزجر، وقوله: (والمقت) أي البغض والطرد.


الصفحة التالية
Icon