قوله: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا ﴾ الخ، شروع في ذكر أدلة أخرى على توحيده سبحانه وتعالى، وتمام قدرته وارادته. قوله: (القرى إلى الأرض) أي التي هي أقرب إلى الأرض من باقي السماوات فقربى صيغة تفضيل كما تقول: هند فضلى النساء، ولا يخالف ما تقدم، من أن الكواكب ثابتة في العرش أو الكرسي، لأن السماء شفافة لا تحجب ما وراءها، فتزين السماء الدنيا بالكواكب، لا يقتضي أنها ثابتة فيها، وهذا في غير الكواكب السبعة التي أشار لها بعضهم بقوله: زجل شرى مريخة من شمسه   فتزاهرت لعطارد الأقمارفإنها مفرقة على السماوات السبع، في كل سماء كوكب منها، فزحل في السابعة، والمشتري في السادسة، والمريخ في الخامسة، والشمس في الرابعة، والزهرة في الثالثة، وعطارد في الثانية، والقمر في سماء الدنيا، قوله: (بنجوم) أشار بذلك إلى أنه أطلق المصابيح وأراد النجوم فهو مجاز، وإلا فحقيقة المصباح السراج. قوله: ﴿ رُجُوماً ﴾ جمع رجم مصدر، أطلق على المرجوم به، ولذا قال المفسر (مراجم) أي أموراً يرجم بها. قوله: (إذا استرقوا السمع) أي أرادوا استراقة. قوله: (بأن ينفصل شهاب) الخ، جواب عما يقال: إن الله تعالى جعل الكواكب زينة للسماء، وذلك يقتضي ثبوتها وبقاءها فيها، وجعلها رجوماً يقتضي زوالها وانفصالها عنها، فكيف الجمع بين الحالتين؟ فأجاب: بأنه ليس المراد أنهم يرمون بأجرام الكواكب، بل بما ينفصل منها من الشهب، وذلك كمثل القبس الذي يؤخذ من النار، وهي على حالها. قوله: (أو يخبله) من الخبل بسكون الباء، وهو الفساد في العقل أو في البدن. قوله: (لا أن الكوكب يزول عن مكانه) أي ففي الكلام حذف مضاف، والتقدير: وجعلنا شهبها رجوماً، الخ. قوله: ﴿ وَأَعْتَدْنَا ﴾ أي هيانا وأحضرنا. قوله: ﴿ لَهُمْ ﴾ أي للشيطان. قوله: ﴿ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴾ أي في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا. قوله: ﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ خبر مقدم ﴿ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾ مبتدأ مؤخر، والمعنى: لمن كفر من الإنس والجن عذاب جهنم الخ. قوله: ﴿ إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا ﴾ معمول لسمعوا، والجملة مستأنفة، قوله: ﴿ لَهَا ﴾ متعلق بمحذوف حال من ﴿ شَهِيقاً ﴾ لأنه نعت نكرة قدم عليها. قوله: (صوتاً منكراً) أي فتشهق جهنم عند إلقاء الكفار فيها، كشهقة البغل للشعير، وهذا ما عليه ابن عباس، وقل الشهيق من الكفار عند إلقائهم فيه، وعليه فالكلام على حذف مضاف، أي سمعوا لأهلها. قوله: (وقرئ تمييز) أي شذوذاً. قوله: (غضباً على الكفار) أي من أجل غضب سيدها وخالقها، فتأتي يوم القيامة تقاد إلى المحشر بألف زمام، لكل زمام سعبون ألف ملك يقودونها به، وهي من شدة الغيظ تقوى على الملائكة وتحمل على الناس، فتقطع الأزمة جميعها، وتحطم على أهل المحشر، فلا يردهم عنهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، يقابلها بنوره فترجع، مع أن لكل مللك من القوة، ما لو أمر أن يقلع الأرض وما عليها من الجبال ويصعد بها في الجو، لفعل من غير كلفة. قوله: ﴿ سَأَلَهُمْ ﴾ أي سأل الفوج، والجمع باعتبار معناه. قوله: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ مفعول ثان لسأل. والمعنى سألهم عن جواب هذا الاستفهام. قوله: ﴿ قَالُواْ بَلَىٰ ﴾ الخ، إنما جمعوا بين حرف الجواب والجملة المستفادة منه تأكيداً وتحسراً وندماً على تفريطهم. قوله: ﴿ جَآءَنَا نَذِيرٌ ﴾ هذا من كلام الفوج، ومن المعلوم أن كل فوج له نذير يخصه. قوله: ﴿ فَكَذَّبْنَا ﴾ أي فتسبب عن مجيئه، أننا كذبناه فيما جاء من عند الله تعالى. قوله: ﴿ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ أي بعيد عن الحق. قوله: (ويحتمل أن يكون) أي قوله: (من كلام الملائكة) أي وعليه فقوله: ﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ أي في الدنيا. قوله: (وأن يكون من كلام الكفار) أي من تمام كلام الكفار للنذر، وهذا الاحتمال استظهره جمهور المفسرين.


الصفحة التالية
Icon