قوله: ﴿ فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ مرتب على ما تقدم من اهتدائه صلى الله عليه وسلم وضلالهم، أو على جميع ما تقدم من أول السورة. قوله: (تلين لهم) أي بترك نهيم عن الشرك، أو بأن توافقهم فيه أحياناً، وقوله: (يلينون لك) أي يتركون ما هم عليه من الطعن ويوافقونك. والمعنى: تمنوا لو تترك ببعض ما أنت عليه مما لا يرضونه مصانعة لهم، فيفعلوا مثل ذلك، ويتركوا بعض ما لا ترضى به، فتلين لهم ويلينون لك. قوله: (وهو معطوف) الخ، أي فهو من جملة المتمني، وحينئذ فيكون المتمني شيئين، ثانيهما مسبب عن الأول، قوله: (قدر قبله بعد الفاء هم) أي فيكون الجواب جملة اسمية لا محل لها من الإعراب، وهذا جواب عما يقال: حيث جعل قوله: ﴿ فَيُدْهِنُونَ ﴾ جواب التمني والفاء سببية، فمقتضاه حذف النون للناصب، فأجاب: بأن الفاء داخلة على مبتدأ مقدر، وجملة يدهنون خبره، والجملة جواب التمني. قوله: ﴿ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ ﴾ الخ، هذه الأوصاف من هنا إلى قوله:﴿ سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ ﴾[القلم: ١٦] نزلت في الوليد بن المغيرة، وعليه جمهور المفسرين، واقتصر عليه المفسر، وقيل: من الأسود بن عبد يغوث، وقيل: في الأخنس بن شريق، وقيل: في أبي جهل بن هشام. قوله: (كثير الحلف بالباطل) تفسير مراد آخذاً له من قوله: ﴿ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ ومن سياق الذم، وإلا فالحلاف كثير الحلف بحق أو باطل. قوله: (حقير) أي في رأيه وتدبيره عند الله تعالى، فلا ينافي أنه كان معظماً في قومه. قولهِ (عياب) أي كثير العيب للناس، بمعنى أنه يعيبهم في حضورهم وغيبتهم، وقوله: (أي المغتاب) المناسب كما في بعض النسخ أن يقول: أو مغتاب، فيكون تفسيراً ثانياً من الغيبة، وهي ذكرك أخاك بما يكره، وقيل: الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم. قوله: ﴿ بِنَمِيمٍ ﴾ متعلق بمشاء، والنميم مصدر كالنميمة أو اسم جنس للنميمة. قوله: ﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ ﴾ أي من نفسه وغيره. قوله: (عن الحقوق) أي الواجبة والمندوبة. قوله: (ظالم) أي بتعدي الحق. قوله: ﴿ أَثِيمٍ ﴾ أي فاجر يتعاطى الإثم. قوله: (غليظ) أي في الطبع أو الجسم، وقوله: (جاف) أي قاسي القلب، وقيل العتل الذي يعتل الناس، أي يحملهم ويجرهم إلى ما يكرهون من حبس وضرب، ومنه خذوه فاعتلوه. قوله: ﴿ بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ أي ما ذكر من الأوصاف السابقة وهي ثمانية، و ﴿ بَعْدَ ﴾ هنا كثم التي للتراخي في الرتبة، والمعنى: أن هذا الوصف وهو ﴿ زَنِيمٍ ﴾ متأخر في الرتبة والشناعة عن الصفات السابقة، أي وهو أشنع منها وأقبح. قوله: ﴿ زَنِيمٍ ﴾ الزنمة في الأصل شيء يكون للمعز في أذنها كالقرط، فأطلق على المستحلق في قوم ليس منهم، فكأنه فيهم زنمة. قوله: (ادعاه أبوه) أي وهو المغيرة. والمعنى: كمعناه ونسبة لنفسه، بعد أن كان لا يعرف له أب. قول: (بعد ثمان عشرة سنة) أي من ولادته، ولما نزلت الآية قال لأمه: إن محمداً وصفني بتسع صفات أعرفها غير التاسع منها، فإن لم تصدقيني الخبر ضربت عنقك، فقالت له: إن أباك عنين، فخفت على المال، فمكنت الراعي من نفسي، فأنت منه، فلم يعرف أنه ابن زنا حتى نزلت الآية، وإنما ذم بذلك، لأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الولد، لما ورد في الحديث:" لا يدخل الجنة ولد زنا، ولا ولده ولا ولا ولده ". وورد:" أن أولاد الزنا، يحشرون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير ". وورد:" لا تزال أمتي بخير، ما لم يفش فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا، أوشك أن يعمهم الله بعذابه ". وقال عكرمة: إذا كثر ولد الزنا قحط المطر. قوله: (من العيوب) بيان لما.


الصفحة التالية
Icon