قوله: ﴿ أَبْصَٰرُهُمْ ﴾ فاعل بـ ﴿ خَٰشِعَةً ﴾، ونسب الخشوع والذل إليها، لأن ما في القلب يعرف في العين، وفي ذلك المقام يسجد المؤمنون شكراً لله تعالى على ما أعطوه من النعيم، فيرفعون رؤوسهم من السجود، ووجوههم أضوأ من الشمس، ووجوه الكفارين والمنافقين سوداء مظلمة له. قوله: ﴿ تَرْهَقُهُمْ ﴾ حال أخرى. قوله: ﴿ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ ﴾ أي دعوى تكليف والجملة حالية، وكذا قوله: ﴿ وَهُمْ سَٰلِمُونَ ﴾.
قوله: (بأن لا يصلوا) أشار بذلك إلى أن المراد بالسجود الثاني هو الصلاة، واتفق المفسرون على أن المراد بالسجود الأول حقيقته. قوله: ﴿ فَذَرْنِي ﴾ تسلية له صلى الله عليه وسلم وتخويف للكافرين، والمعنى: أترك أمر المكذبين إلى أكفك ذلك. قوله: ﴿ وَمَن يُكَذِّبُ ﴾ في محل نصب إما معطوف على الياء في ذرني، أو مفعول معه، والأول أرجح، قال ابن مالك: والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق والنصب مختار لدى عطف النسققوله: ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ﴾ استئناف مسوق لبيان كيفية التعذيب المستفاد إجمالاً من قوله ذرني الخ، قوله: (نأخذهم قليلاً قليلاً) أي فالاستدراج: الأخذ بالتدريج شيئاً فشيئاً، والمعنى: لما أنعمنا عليهم، اعتقدوا أن ذلك الإنعام تفضيل لهم على المؤمنين، وهو في الحقيقة سبب لهلاكهم. قوله: ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ ﴾ عطف على ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ﴾ عطف تفسير. قوله: ﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ الكيد في الأصل الاحتيال، وهو أن تفعل ما فيه نفع ظاهر، أو تريد به الضر، وإنما سمى إنعامه عليهم استدراجاً بالكيد لأنه في صورته، فما وقع لهم من سعة الأرزاق وطول الأعمار وعافية الأبدان بإحسان ونفع ظاهري فقط، والمقصود به معاقبتهم وتعذيبهم على ذلك، ووصف الكيد بالمتانة، إشارة إلى أنه لا يتأتى إفلات المستدرجين مما أراده بهم، بخلاف كيد المخلوق، فتارة يقع وتارة لا يتمكن منه. قوله: ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً ﴾ هو في المعنى مرتبط بقوله سابقاً﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ ﴾[القلم: ٤١] الخ، والمعنى: أم تلتمس منهم ثواباً على ما تدعوهم إليه من الإيمان بالله تعالى. قوله: ﴿ مُّثْقَلُونَ ﴾ أي مكلفون حملاً ثقيلاً. قوله: (فلا يؤمنون لذلك) أي لسؤال الأجر المرتب عليه الغرم، وهو ثقيل على النفس، لأن شأن النفس أن تستثقل ما يطلب منها. قوله: (أي اللوح) الخ، هذا قول ابن عباس، وقيل: ﴿ ٱلْغَيْبُ ﴾ هو علم ما غاب عنهم. قوله: (ما يقولون) أي ما يحكمون به ويستغنون به عن اعلمك.