قوله: ﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ ﴾ نزلت لما دعت اليهود أنه لا دين أفضل من دين اليهودية، وادعت النصارى أن لا دين أفضل من دين النصرانية. قوله: (هو) ﴿ ٱلإِسْلاَمُ ﴾ قدر الضمير إشارة إلى أن الجملة معرفة الطرفين فتفيد الحصر. وقوله: (المبعوث به الرسل) أي جميعهم من آدم إلى محمد قال تعالى:﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ ﴾[الشورى: ١٣] فأصل الدين واحد، وإنما الاختلاف في الفروع. قوله: (بدل اشتمال) أي فيكون من تمام آية شهد الله، لأن وحدانية الله اشتمل عليها الإسلام، وهذا إن أريد بالإسلام الشرع المنقول، وأما إن أريد به التوحيد كان بدل كل من كل. قوله: ﴿ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾ جواب عن سؤال نشأ من قوله: ﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ ﴾ كأنه قيل حيث كان الدين واحداً من آدم إلى الآن فما اختلاف أهل الكتاب. قوله: ﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ ﴾ استثناء من محذوف، أي ما كان اختلافهم في حال من الأحوال إلا في حال مجيء العلم لهم، فالمعنى لا عذر ولا شبهة لهم في ذلك الاختلاف، لأن الله بين لهم الحق من الباطل، وإنما كفرهم واختلافهم محض عناد، قال تعالى:﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾[النمل: ١٤].
قوله: ﴿ وَمَن يَكْفُرْ ﴾ من اسم شرط جازم ويكفر فعل الشرط، وقوله: ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ دليل الجواب والجواب محذوف أي فيعذبه، وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال له: لا تحزن على كفر من كفر فإن الله معذبه. قوله: ﴿ فَإنْ حَآجُّوكَ ﴾ أي اليهود والنصارى حيث أنكروا عموم رسالتك أو أصلها، وجملة حاجوك فعل الشرط، وجوابه فقل وما عطف عليه. قوله: ﴿ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ ﴾ معطوف على ضمير ﴿ أَسْلَمْتُ ﴾ المتصل، وقد وجد الفاصل وهو قوله: ﴿ وَجْهِيَ للَّهِ ﴾ إذا علمت ذلك، فتقدير المفسر أنا، توضيح وبيان للضمير المتصل لا ليفيد الفاصل فإنه قد حصل بقوله وجهي لله، قال ابن مالك: وإن على ضمير رفع متصل   عطف فافصل بالضمير المنفصلأو فاصل ما وما هنا من قبيلة، ومفعول اتبعن محذوف لدلالة ما قبله عليه، أي ومن اتبعن أسلم وجهه. قوله: (لشرفه) أي لوجود الحواس الخمس فيه. قوله: ﴿ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ﴾ أي التوراة بالنسبة لليهود، والإنجيل بالنسبة للنصارى، وفيه وضع الموصول موضع الضمير لماقبلته بالأميين. قوله: (مشركي العرب) أي ومن عداهم ممن لا كتاب لهم. قوله: (أي أسلموا) أي فهو استفهام تقريعي، والمقصود الأمر على حد (فهل أنتم منتهون). قوله: ﴿ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ ﴾ أي انتفعوا وحصل لهم الرضا والقبول وتم لهم السعد والوصول، وبهذا اندفع ما يقال إن فعل الشرط محتد مع جوابه، كأنه قال فإن أسلموا فقد أسلموا. قوله: ﴿ وَّإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ اي داموا عليه وهو فعل الشرط، وقوله: ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ ﴾ دليل الجواب، والجواب محذوف تقديره فلا تحزن عليهم وأمرهم إلى الله. قوله: (أي التبليغ للرسالة) أي وقد بلغت فلا تأس عليهم. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾ أي عليم بهم ومطلع عليهم وناظر إليهم فلا يغيب عنه شيء من أفعالهم. قول: (وهذا قبل الأمر بالقتال) أي هذه الآية نزلت قبل الأمر به، فإن رسول الله أمر بالأمساك والأعراض عنهم في نحو نيف وسبعين آية ثم أمر بتقالهم.


الصفحة التالية
Icon