قوله: ﴿ قَالَ نُوحٌ ﴾ أي بعد يأسه من إيمانهم وصبره المدة الطويلة عليهم، وهذا مقدمة لدعائه عليهم. قوله: ﴿ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ﴾ أي وعصياني عصيان لك يا رب. قوله: (وبفتحهما) أي وهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَمَكَرُواْ ﴾ معطوف على صلة ﴿ مَن ﴾ كأنه قال واتبعوا من مكروا. وجمع الضمير نظراً لمعنى من، وأفرد في قوله: ﴿ يَزِدْهُ ﴾ باعتبار لفظها قوله: ﴿ كُبَّاراً ﴾ بضم الكاف وتشديد الباء، وهي قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بالضم والتخفيف، وهي مبالغة أيضاً بمعنى المشدد والكسر والتخفيف جمع كبير. قوله: ﴿ وَقَالُواْ ﴾ عطف على الصلة أيضاً. قوله: ﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً ﴾ عطف خاص على عام. قوله: (بفتح الواو وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ ﴾ بغير تنوين في قراءة العامة، ومنع الصرف إن كانا عربيين للعلمية، ووزن الفعل، وإن كانا أعجميين فاللعلمية والعجمة، وقرئ شذوذاً بالصرف للتناسب، لأن ما قبلهما مصروف وما بعدهما مصروف. قوله: ﴿ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ﴾ لم يذكر بالنفي مع هذين، لكثرة التكرار وعدم اللبس. قوله: (هي أسماء أصنام) أي كانوا يعبدونها، وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم، ولذا خصوها بالذكر، وأصلها كما قال عروة بن الزبير أنه كان لآدم خمس بنين، ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر. وكانوا عباداً فمات رجل منهم فحزنوا عليه فقال الشيطان: أنا أصور لكم مثله، إذا نظرتم إليه ذكرتموه، قالوا: افعل، فصوره في المسجد من صرف ورصاص، ثم مات آخر فصوره، حتى ماتوا كلهم وصورهم، فلما تقادم الزمان، تركت الناس عبادة الله، فقال لهم الشيطان: ما لكم لا تعبدون شيئاً؟ قالوا: ما نعبد؟ قال: آلهتكم وآلهة آباءكم، ألا ترون أنها في مصلاكم، فعبدوها من دون الله تعالى، حتى بعث الله نوحاً عليه السلام فقالوا: ﴿ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ﴾ الآية. قوله: ﴿ وَقَدْ أَضَلُّواْ ﴾ معمول لقول مقدر، أي وقال قد أضلوا، فهو معطوف على قوله: ﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ﴾.
قوله: (دعا عليهم لما أوحي إليه) الخ، جواب عما يقال: إنه مبعوث لهدايتهم، فكيف ساغ له الدعاء عليهم بالضلال؟ فأجاب: بأنه لما يئس من إيمانهم، بإخبار الله له بأنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، ساغ له الدعاء عليهم. قوله: (ما صلة) أي ومن تعليلية. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: ﴿ فَأُدْخِلُواْ نَاراً ﴾ أي في الدنيا عقب الإغراق، فكانوا يغرقون من جانب، ويحترقون في الماء من جانب بقدرة الله تعالى، وهذا ما أفاده المفسر، ويحتمل أن المراد بها نار الآخرة، وهو من التعبير بالماضي عن المستقبل لتحقق الوقوع.


الصفحة التالية
Icon