قوله: ﴿ لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ أي الماء، وفي للسببية. قوله: (علم ظهور) أي للخلائق، وإلا فهو تعالى لا يخفى عليه شيء، فالمعنى ليظهر لهم متعلق علمنا، وفي الآية معنى إشاري للصوفية، وهو أن العباد، لو حصلت منهم الاستقامة على الطريقة بالانهماك في مرضاة الله تعالى، لملأ الله قلوبهم بالأسرار والمعارف والمحبة الشبيهة بالماء في كونها حياة الأرواح، كما أن الماء حياة الأجسام، فيحصل لهم بسبب ذلك الفتنة، بأن يسكروا ويطربوا ويدهشوا ويوخرجوا عن الأهل والأوطان، فالاستقامة سبب للرزق الظاهري والباطني. قوله: (بالنون والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (ندخله) أشار بذلك إلى أنه ضمن نسلك معنى ندخل، فعداه للمفعول الثاني. قوله: ﴿ صَعَداً ﴾ مصدر صعد بكسر العين كفرح، وصف به العذاب على تأويله باسم الفاعل. قوله: (شاقاً) هذا تفسير باللازم، وإلا فمعنى الصعود العلو والارتفاع. قوله: ﴿ وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ هو من جملة الموحى به، أي وأوحى إلي كون المساجد مختصة بالله؛ واختلف في المراد بالمساجد، فقيل: هي جمع مسجد بكسر الجيم وهو موضع السجود، فالمراد به جميع البقاع، لأن الأرض جعلت كلها مسجداً لهذه الأمة، وقيل جمع مسجد بالفتح وهو الأعضاء الواردة في الحديث:" الجبهة والأنف والركبتان واليدان والقدمان ". والمعنى: أن هذه الأعضاء نعم أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغير الله، فتجحد نعمة الله، وقيل: المراد بها الأماكن المبنية للعبادة، وإضافة المساجد إلى الله تعالى للتشريف والتكريم، وقد تنسب لغيره على سبيل التعريف، كما في الحديث" صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فما سواه، إلا المسجد الحرام ". قوله: ﴿ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً ﴾ أي لا تعبدوا غير الله، فهو توبيخ للمشركين في عبادتهم الأصنام، وقيل المعنى: أفردوا المساجد بذكر الله تعالى، ولا تجعلوا لغير الله فيها نصيباً، كما في الحديث:" من نشد ضالة في المسجد فقولوا: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لها ". وفي الحديث:" كان إذا دخل المسجد، قدم رجله اليمنى وقال: وإن المساجد لله، فلا تدعوا مع الله أحداً، اللهم أنا عبدك وزائرك، وعلى كل مزور حق، وأنت خير مزور، فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار ". وإذا خرج من المسجد، قدم رجله اليسرى وقال:" اللهم صب علي الخير صباً، ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً، ولا تجعل معيشتي كداً، واجعل لي في الأرض جداً "أي غنى.