قوله: ﴿ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ ﴾ بالرفع في قراءة العامة، على أنه بدل من ﴿ رَبِّيۤ ﴾ أو خبر لمحذوف، وقرئ شذوذاً بالنصب على المدح، وقرئ شذوذاً علم الغيب، فعلاً ماضياً ناصباً للغيب. قوله: (ما غاب به) المناسب حذف قوله به. قوله: ﴿ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً ﴾ أي اظهاراً تاماً كاملاً يستحيل تخلقه، فليس في الآية ما يدل على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف، ولكن اطلاع الأنبياء على الغيب، أقوى من اطلاع الأولياء، لأن اطلاع الأنبياء يكون بالوحي، وهو معصوم من كل نقص، بخلاف اطلاع الأولياء، فعصمة الأنبياء واجبة. وعصمة الاولياء جائزة. قوله: ﴿ إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ ﴾ أي إلا رسولا ارتضى له لإظهاره على بعض غيوبه، فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه. قوله: ﴿ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ ﴾ الخ، تقرير وتحقيق للإظهار المستفاد من الاستثناء، كأنه قال: إلا من رسول، فإنه إذا أراد اظهاره على غيبه، جعل له ملائكة من جميع جهاته، يحرسونه من تعرض الشياطين له. قوله: (ملاكئة يحفظونه) أي من الجن، قال قتادة وغيره: كان الله إذا بعث رسولاً أتاه إبليس في صورة ملك يخبره، فيبعث الله من بين يديه ومن خلفه رصداً من الملائكة يحرسونه ويطردون الشياطين عنه، فإذا جاءه شيطان في صورة ملك، أخبروه بأنه شيطان فيحذره، فإذا جاء ملك قالوا له: هذا رسول ربك. قوله: ﴿ لِّيَعْلَمَ ﴾ (الله) الخ، متعلق بيسلك غاية له، قوله: (علم ظهور) دفع به ما قد يتوهم من قوله يعلم، أن العلم متجدد. فأجاب: بأن المعنى ليظهر متعلق علمه. قوله: ﴿ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ ﴾ أي كما هي محفوظة من الزيادة والنقصان. قوله: (معنى من) أي في قوله: ﴿ مَنِ ٱرْتَضَىٰ ﴾.
قوله: ﴿ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ﴾ الضمير عائد على الرسل والملائكة، والمعنى: أحاط علمه بما عند الرسل والملائكة. قوله: ﴿ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ﴾ أي من القطر والرمل وورق الأشجار وزبد البحار، وجميع الأشياء جليلها وحقيرها، وهذا كالتعليل لقوله: ﴿ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon