قوله: ﴿ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ تعليل للردع المستفاد من قوله: (علاَّ). قوله: (معناداً) العناد ينشأ من كبر النفس، أو يبس في الطبع، أو شراسة في الأخلاق، أو خبل في العقل. قوله: (يصعد فيه) أي سبعين عاماً، كلما وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت، وإذا رفعها. عادت قوله: (ثم يهوي) أي سبعين عاماً. قوله: (أبداً) راجح لكل من الصعود والهويّ. قوله: ﴿ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ أي ردد فكرة فيما يطعن به في القرآن، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه﴿ حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾إلى قوله:﴿ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾[غافر: ١-٣] قام في المسجد، والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته، فلما فطن النبي صلى الله عليه وسلم لاستماعه لقراءته، اعاد قراءة الآية، فانطلق الوليد بن المغيرة، حتى أتى مجلس قومه من بني مخزوم فقال: والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً، ما هو من كلام البشر، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن اعلاه لمثمر، وإن اسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقالت قريش: صبأ والله الوليد، والله لتصبأن قريش كلهم، فقام أبو جهل وقال: أنا أكفيكموه، فانطلق فقعد إلى جانب الوليد حزيناً، فقال له الوليد: ما لي أراك حزيناً يا ابن أخي؟ قا ل: وما يمنعني أن لا احزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنا داخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة، تسأل من فضل طعامهم، فغضب الوليد وقال: ألم تعلم أني من أكثرهم مالاً وولداً، وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام، فيكون لهم فضل؟ ثم قال مع أبي جهل، حتى أتى مجلس قومه فقال لهم: تزعمون أن محمداً مجنون، فهل رأيتموه يختنق قط؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهن؟ فقالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قط؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه كذاب، فهر جربتم عليه شيئاً من الكذب؟ فقالوا: اللهم لا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأمين قبل النبوة من صدقه، فقالت قريش للوليد: فما هو؟ فتفكر في نفسه وقدر ثم قال: ما هذا إلا سحر يؤثر. قوله: ﴿ فَقُتِلَ ﴾ أي في الدنيا. قوله: ﴿ ثُمَّ قُتِلَ ﴾ أي فيما بعد الموت في البرزخ والقيامة، و ﴿ ثُمَّ ﴾ للدلالة على أن الثانية أبلغ من الأول، فهي في هذه المواضع للتراخي، و ﴿ كَيْفَ ﴾ منصوبة على الحال من الضمير في قدر، وهي للاستفهام، والمقصود منه توبيخه والتعجب من تقديره. قوله: (في وجوه قومه) أي نظر بعين الغضب من أجل الأمر الذي قالوه فيه، قوله: (أو فيما يقدح به) أي في القرآن، فالنظر على هذا بمعنى التأمل، فيكون تأكيداً لقوله: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾.
قوله: ﴿ ثُمَّ عَبَسَ ﴾ يقال: عبس عبساً وعبوساً أي قطب وجهه، والعبس يطلب على ما يبس في أذناب الإبل من البعر والبول، وقوله: ﴿ وَبَسَرَ ﴾ يقال: بسر يبسر بسراً، وبسوراً إذا قبض بين عينيه كراهية للشيء واسود وجهه منه، يقال: وجهه وجه باسر، أي منقبض مسود، فالبسور غاية في العبوس. قوله: (والكلوع) مرادف للقبض. قوله: ﴿ وَٱسْتَكْبَرَ ﴾ عطب سبب. قوله: ﴿ إِلاَّ سِحْرٌ ﴾ أي أمور تخييلية لا حقائق لها، وهي لدقتها تخفي أسبابها، وقوله: ينقل على السحرة، أي كمسيلمة وأهل بابل. قوله: ﴿ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ ﴾ نتيجة حصره في السحر.


الصفحة التالية
Icon