قوله: ﴿ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ قيل نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول، كان منافقاً يخفي الكفر ويحب أهله ويواليهم باطناً، وكان بصحبته على هذه الخلصة ثلثمائة، كانوا يحبون ظفر الأعداء برسول الله وأصحابه، وإنما كانوا يظهرون الإسلام فقط، فمعنى الآية أن من علامة الإيمان عدم موالاة أهل الكفر، قال تعالى:﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾[المجادلة: ٢٢] الآية، وقال تعالى:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ ﴾[الممتحنة: ١] قوله: ﴿ أَوْلِيَآءَ ﴾ أي أصدقا وقوله: (يوالونهم) أي يحبونهم ويميلون إليهم. قوله: ﴿ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ في محل الحل من الفاعل، أي حال كون المؤمنين متجاوزين بموالاتهم المؤمنين أي تاركين قصر الولاية عليهم، وذلك الترك يصدق بصورتين، كونها مشتركة بين الكفار والمؤمنين، أو مختصة بالكفار، فالصورتان داخلتان في منطوق النهي، وإنما الواجب على المؤمنين قصر الموالاة والمحبة على بعضهم. قوله: ﴿ فَلَيْسَ مِنَ ﴾ الكلام على حذف مضاف، قدره المفسر بقوله دين وفيه حذف مضاف أيضاً أي من أهل دين الله، فالمعنى أنه كافر، وإذا اطلعنا عليه فلا نبقيه بل نقتله، ويسمى زنديقاً ومنافقاً، واسم ليس ضمير يعود على من الشرطية. قوله: ﴿ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ ﴾ هذا استثناء مفرغ من عموم الأحوال، أي لا يتخذ المؤمن الكافر ولياً لشيء من الأشياء، ولا لغرض من الأغراض إلا للتقية ظاهراً بحيث يكون مواليه في الظاهر ومعاديه في الباطن. ومحصله أن الله نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم، إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين، أو يكون المؤمن في قوم كفار فيداهنهم بلسانه مطمئناً قلبه بالإيمان، فالتقية لا تكون إلا مع الخوف على النفس أو العرض. قوله: ﴿ تُقَـٰةً ﴾ وزنه فعله ويجمع على تقى كرطبة ورطب، وأصله وفيه لأنه من الوقاية، فأبدلت الواو تاء والياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقوله: (من تقيته) بفتح القاف بوزن رميته وهو بمعنى اتقيته. قوله: (دون القلب) أي فالموالاة به حرام إجماعاً. قوله: (وهذا) أي قوله إلا أن تتقوا. قوله: (ليس قوياً فيها) أي الإسلام ليس قوياً في تلك البلد، كأن يجعل أمراء تلك البلدة الحكام من أهل الكفر، فالواجب مداراتهم ظاهراً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، كما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم" أنه كان في داره يوماً، إذ أقبل عليه رجل فطرق الباب فقال من؟ فقال فلان فقال سراً: بئس أخو العشيرة، ثم لما خرج إليه أطلق له وجهه وصار يلاطفه بالقول، فلما انصرف قالت له عائشة: رأيت منك عجباً، سمعتك تقول قولاً ثم فعلت خلافه، فقال: يا عائشة إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم ". قوله: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ﴾ الكاف مفعول أول، ونفسه مفعول ثان، وهو على حذف مضاف أشار له المفسر بقوله أن يغضب عليكم، والأصل غضبت نفسه، أي فإن واليتموهم غضب الله بجلاله عليكم. قوله: (فيجازيكم) أي إما بالثواب إن لم توالوهم أو بالعقاب إن واليتموهم. قوله: ﴿ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ﴾ أي فيرتب الجزاء على ذلك.