قوله: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ ﴾ ظرف لمحذوف أي ذكر. قوله: ﴿ مُّحْضَراً ﴾ أي حاضراً ظاهراً تفرح به، وذلك كالصدقات والصيام والصلاة مثلاً. قوله: ﴿ أَمَدَاً بَعِيداً ﴾ أي مسافة طويلة فيتمنى أن لم يكن رآه، وقد ورد أن العبد إذا خرج من قبره وجد عمله الصالح في صورة حسنة، فيقول له طالما كنت أقلقك في الدنيا فاركب على ظهري الآن فيركبه إلى الحشر، وذلك قوله تعالى:﴿ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً ﴾[مريم: ٨٥] وإذا كان غير صالح وجد عمله السيء في صورة قبيحة، فيقول له طالما كنت تتمتع بي في الدنيا فأنا أركبك الآن، وذلك قوله تعالى:﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ﴾[الأنعام: ٣١] ولو شرطية، في الكلام حذفان أحدهما حذف مفعول تود، والثاني حذف جواب لو، والتقدير تورد تباعداً ما بينها وبينه، لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً لسرت بذلك. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾ أي شديد الرحمة بهم، حيث قطع عذرهم بتبيين ذلك في زمن يسع التوبة والرجوع إليه فيه. ومن جملة رأفته كثرة التكرار والتأكيد في الكلام لعله يصل إلى قلوب السامعين فيعملوا بمقتضاه. قوله: (ونزل لما قالوا الخ) وقيل سبب نزولها قول اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباءه. وقيل قول نصارى نجران ما عبدنا عيسى وأمه إلا محبة لله. قيل سبب نزولها أن النبي دخل الكعبة فوجد الكفار يعلقون على الأصنام بيض النعام ويزخرفها فقال لهم ما هذه ملة إبراهيم التي تدعونها، فقالوا ما نعبدهم إلى ليقربونا إلى الله زلفى. قوله: ﴿ قُلْ ﴾ (لهم يا محمد) أي رداً لمقالهم. قوله: ﴿ فَٱتَّبِعُونِي ﴾ أي في جميع ما جئت به، والمعنى أن اتباع النبي فيما جاء به دليل على محبة الإنسان لربه، وهي ميل القلب نحوه وإيثار طاعته على هوى نفسه فيلزم من المحبة الطاعة، قال بعض العارفين: لو قال تيهاً قف على جمر الغضا   لوقفت ممتثلاً ولم أتوقفوقال بعضهم: نعصي الاله وأنت تظهر حبه   هذا لعمري في القياس بديعلو كان حبلك صادقاً لأطعته   إن المحب لمن يحب مطيعفمن ادعى المحبة من غير طاعة فدعواه باطلة لا تقبل. قوله: (بمعنى أنه يثيبكم) أشا بذلك إلى أن معنى المحبة الأصلي محال في حقه تعالى، وأن المراد بمحبة الله للعبد قبوله والإثابة على أعماله. قوله: ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ أي يمحها في الصحف، فالمحبوب لا يبقى عليه ذنب، والمبغوض لا تبقى له طاعة، قال بعض العارفين: واجعل سيئاتنا سيئات من أحببت، ولا تجعل حسناتنا حسنات من أبغضت، فالإحسان لا ينفع مع البغض منك، والإساءة لا تضر مع الحب منك. قوله: ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ به أي في الدنيا والآخرة. قوله: (من التوحيد) أي وغيره من شرائع الدين قوله: (أعرضوا عن الطاعة) أي فلم يتبعوك فما أمرت به. قوله: (في إقامة الظاهر) أي تبكيتاً لهم.


الصفحة التالية
Icon