قوله: (وهو) أي وقت حصول هذه الأمور. قوله: (هي النجوم) الخ، أي السيارة غير الشمس والقمر. قوله: (أي ترجع في مجراها) أي من آخر الفلك القهقرى إلى أوله. وخصها بالذكر لأنها تستقبل الشمس، فيحبس بالهار، وتظهر بالليل، وتخفى وقت غروبها عن البصر. قوله: (إذ كرّ راجعاً) هو العامل في (بينما) وقوله: (إلى أوله) أي البرج. قوله: (في كناسها) أي محل اختفائها من كنس الوحش إذا دخل كناسه، وهو بيته الذي يتخذ من أغصان الشجر. قوله: ﴿ وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ مناسبته لما قبله ظاهره، لأنه إن كان المراد إقباله فهو أول الليل، وهذا أول النهار، وإن كان المراد إدباره، فهذه مجاورة له. قوله: ﴿ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ التنفس في الأصل خروج النفس من الجوف، وصف به الصبح من حيث إنه إذا أقبل ظهر روح ونسيم، فجعل نفساً له. ﴿ ذِي قُوَّةٍ ﴾ أي فكان من قوته، أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود، وحملها على جناحه، فرفعها إلى السماء ثم قلبها، وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى عليه السلام، فنفخه بجناحه نفخة إلقاه إلى أقصى جبل خلف الهند، وأنه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين، وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ثم يصعد في أسرع من رد الطرف. قوله: (ذي مكانة) أي إكرام وتشريف. قوله: (متعلق به عند) أي فهو حال من ﴿ مَكِينٍ ﴾ وأصله وصف، فلما قدم نصب حالاً، وقوله: ﴿ ثَمَّ ﴾ ظرف مكان للبعيد، والعامل فيه مطاع. قوله: (أي تطيعه الملائكة) تفسير لقوله: ﴿ مُّطَاعٍ ﴾ وقوله: (في السماوات) تفسير لقوله: ﴿ ثَمَّ ﴾.
قوله: (عطف على أنه) الخ، أي فهو من جملة المقسم عليه بالأقسام السابقة، وفي الحقيقة ذكر جبريل الأوصاف المذكورة، توطئة لذكر محمد صلى الله عليه وسلم، لأن المقصود منه قولهم﴿ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾[النحل: ٣]﴿ أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً ﴾[سبأ: ٨]﴿ أَم بِهِ جِنَّةٌ ﴾[سبأ: ٨] لا تعداد فضائل جبريل ومحمد، خلافاً للزمخشري الزاعم أن تلك الآية تشهد بتفضيل جبريل على محمد، بل إذا أمعنت النظر، وجدت إجراء تلك الصفات على جبريل في هذا المقام، دال على بلوغ الغاية في تعظيم محمد، حيث جعل السفير بينه وبين الله، هذا الملك الموصوف بتلك الصفات، وفضل المصطفى مصرح به في هذا الكتاب، وفي سائر الكتب السماوية، كالشمس في رابعة النهار، هذا زبدة ما أفادته الأئمة في هذا المقام. قوله: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ أيضاً فهو من جملة المقسم عليه، وهذه الرؤية كانت في غار حراء، حين رآه على كرسيه بين السماء والأرض في صورته الأصلية، وكان قد سأله أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها، فوعده بحراء، ثم انجز له الوعد، وتقدم بسطه في قوله تعالى:﴿ فَٱسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ ﴾[النجم: ٦-٧].
الخ. قوله: ﴿ عَلَى ٱلْغَيْبِ ﴾ متعلق بظنين. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (أي ببخيل) أي فلا يبخل به عليكم، بل يخبركم به على طبق ما أمر، ولا يكتمه ما يكتم الكاهن ما عنده، حتى يأخذ عليه حلواناً. قوله: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ الخ، نفي لقولهم: إنه كهانة وسحر. قوله: ﴿ فَأيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾ أين ظرف مكان مبهم منصوب بتذهبون كما قال المفسر، فأي طريق تسلكون، حيث نسبتموه للجنون أو الكهانة أو السحر أو الشعر؟ وهو بريء من ذلك كله، كما تقول لمن ترك الطريق الجادة بعد ظهورها: هذا الطريق الواضح فأين تذهب؟ قوله: ﴿ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾ أي فالطريق واضح، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. قوله: ﴿ وَمَا تَشَآءُونَ ﴾ رجوع للحقيقة وإعلام بأن العبد مختار في الظاهر، مجبور في الباطن على ما يريده الله منه.


الصفحة التالية
Icon