قوله: ﴿ يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ ﴾ ظرف لرجعه لا لقادر، لأنه تعالى قادر على جميع الأوقات، لا تختص قدرته بوقت دون وقت. قوله: (ضمائر القلوب) أي ما أخفي فيها، وقيل: السراء فرائض الأعمال: كالصلاة والصوم والوضوء والغسل من الجنابة، فإنها سرائر بين الله وبين العبد، ولو شاء العبد لقال: صمت ولم يصم، وصليت ولم يصل، واغتسلت من الجنابة ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها من ضيعها، فيبيض وجه المؤدي، ويسود وجه المضيع. قوله: ﴿ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ ﴾ أي في نفسه، وقوله: ﴿ وَلاَ نَاصِرٍ ﴾ أي من غيره. قوله: (المطر) هذا أحد أقوال، وقيل: ﴿ ٱلرَّجْعِ ﴾ الأحوال التي تجيء وتذهب، كالليل والنهار والأمطار، والفصول من الشتاء وما فيه من يرد ونحوه؛ والصيف وما فيه من حر ونحوه، وقيل: المراد ذات النفع، وقيل: ذات الملائكة لرجوعهم فيها بأعمال العباد. قوله: (الشق عن النبات) وقيل: ذات الحرث لأنه يصدعها، وقيل: ذات الطريق التي تصدعها المشاة، وقيل: غير ذلك، واعلم أنه تعالى كما جعل كيفية خلق الحيوان دليلاً على معرفة المبدأ والمعاد، ذكر في هذا القسم كيفية خلقه النبات، فقوله: ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴾ أي هي كالأب ﴿ وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴾ هي كالأم تتولد من بينهما النعم العظيمة التي ينتفع به ما دامت الدنيا. قوله: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾ جواب القسم الذي هو ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ﴾ الخ، والمراد بالفصل الحكم الذي ينفصل به الحق من الباطل. قوله: ﴿ وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ ﴾ أي بل هو جد كله، فالواجب أن يكون مهاباً في الصدر، معظماً في القلوب، كيف وهو خطاب رب العالمين لعباده، فالإصغاء إليه والاستماع له، والائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه فرض. قوله: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ﴾ اختلف فيها فقيل: هي القاء الشبهات كقولهم﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا ﴾[الأنعام: ٢٩]﴿ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾[يس: ٧٨] ونحو ذلك، وقيل: قصد قتله صلى الله عليه وسلم، والأحسن أن يراد ما هو أعم. قوله: ﴿ وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾ أي أجازيهم على كيدهم، وسمي الجزاء كيداً مشاكلة، وقيل: المعنى أعاملهم معاملة ذي الكيد، بأن أمدهم ظاهراً بالنعم استدراجاً لهم، وعليه اقتصر المفسر. قوله: ﴿ فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ ﴾ أي لا تستعجلهم بالانتقام منهم ولا بالدعاء عليهم. قوله: (مخالفة اللفظ) أي من حيث إن الأول مسند للظاهر مع التضعيف، والثاني مسند للضمير مع الهمز. قوله: (على الترخيم) راجع لقوله: (أو أرواداً) أي تصغير ترخيم وهو حذف الزوائد، واعلم أن ﴿ رُوَيْداً ﴾ يستعمل مصدراً بدل من اللفظ بفعله، فيضاف تارة كقوله فضرب الرقاب، ولا يضاف أخرى نحو رويداً رويداً، ويقع حالاً نحو ساروا رويداً أي متمهلين، ونعتاً مصدر محذوف نحو ساروا رويداً أي سيراً رويداً. قوله: (ونسخ الامهال بآية السيف) أي على أن المعنى: اترك الكافرين ولا تتعرض لهم، واصبر على أذاهم.


الصفحة التالية
Icon