قوله: (من الهدى) بيان لما، والمراد به الرشد، والصواب في القول والفعل. قوله: (حقاً) هذا مذهب الكسائي ومن تبعه، عليه فـ ﴿ كَلاَّ ﴾ مرتبطة بما بعدها، لأنه ليس قبلها شيء يقتضي الزجر والردع حتى تكون ﴿ كَلاَّ ﴾ ردعاً له، وقال أبو حيان: وصوبه ابن هشام أنها بمعنى ألا الاستفتاحية، لوجود كسر همزة ﴿ إِنَّ ﴾ بعدها، ولو كانت بمعنى حقاً لما انكسرت ﴿ إِنَّ ﴾ بعدها، لكونها واقعة موقع مفرد، فتحصل أن كونها بمعنى حقاً صحيح من جهة المعنى، إلا أنه يبعده كسر ﴿ إِنَّ ﴾ فكان المناسب للمفسر أن يجعلها بمعنى ألا الاستفتاحية. قوله: (أي نفسه) أشار بذلك إلى أن في رأى ضميراً عائداً على الإنسان هو فاعل الرؤية، والضمير البارز عائد أيضاً مفعوله ورأى هنا قلبية تجوز اتحاد الضميرين متصلين فيها فتقول: رأيتني وظننتني، وقوله: ﴿ ٱسْتَغْنَىٰ ﴾ مفعول ثان، والمعنى: أن الإنسان ليتحقق بالطغيان والكفر من أجل رؤيته نفسه مستغنياً عن الله تعالى. قوله: (نزل في أبي جهل) أي والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل من اعتقد أنه غني عن ربه طرفة عين، فقد تحقق بالطغيان والكفر، لأن كل مخلوق مفتقر لخالقه في حركاته وسكناته. قوله: (مفعول له) أي لأجله. قوله: (يا إنسان) أشار بذلك إلى أن الضمير في ﴿ رَبِّكَ ﴾ عائد على ﴿ ٱلإِنسَانَ ﴾ المتقدم ذكره، ففيه التفات من الغيبة للخطاب، تهديداً له وتحذيراً من عاقبة الطغيان، كأنه قال: لا تغتر باستغنائك، فإن مرجعك إلى خالقك، فكما أغناك هو قادر على إفقارك، فلا تعتقد أنه غني حقيقة، فلو أعطي العبد الدنيا ومثلها معها، هو فقير إلى ربه في كل طرفة عين. قوله: (أي الرجوع) أي من الغنى للفقر، ومن العز للذل، ومن القوة للعجز، ومن الحياة للممات، فلا مفر من الله. قوله: (للتعجب) أي التعجيب، وهو إيقاع المخاطب في العجب والخطاب، قيل: للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: لكل من يتأتى منه الخطاب، واعلم أن رأيت هنا بمعنى أخبرني، فتتعدى إلى مفعولين، ثانيهما جملة استفهامية، وقد ذكرت ثلاث مرات، صرح بعد الثالثة بجملة استفهامية، فهي موضع المفعول الثاني لتلك الثالثة، ومفعولها الأول محذوف، وهو ضمير يعود على الذي ينهى عبداً، وذكر مفعول الأولى الأول، وهو الاسم الموصول، ومفعولها الثاني محذوف، وهو جملة استفهامية كالواقعة بعد الثالثة، حذف لدلالة المذكور عليه، وأما الثانية فمفعولاها محذوفان، لدلالة المفعول الأول من الأولى، والمفعول الثاني من الثالثة عليه: فتحصل أنه حذف المفعول الثاني من الأولى، والمفعولان من الثانية، والأول من الثالثة، لدلالة المذكور، وليس من باب التنازع، لأنه يقتضي اضماراً، والجمل لا تضمر، وإنما الإضمار في المفردات، وجواب الشرط الواقع في حيز الثانية والثالثة محذوف، دل عليه الجملة الاستفهامية. قوله: (هو أبو جهل) وذلك أنه قال:" هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه في التراب، قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقيل له: مالك؟ قال: إن بيني وبينه خندقاً من نار، وهؤلاء أجنحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ". قوله: ﴿ عَبْداً ﴾ لم يقل ينهاك، تفخيماً لشأنه وتعظيماً لقدره. قوله: (للتقسيم) المناسب أن يقول: بمعنى الواو. قوله: ﴿ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴾ أي دام على التكذيب والتولي. قوله: (أي يعلمه) تفسير ليرى. قوله: (ردع له) أي لأبي جهل.