قوله: ﴿ وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾ الخ، تصريح بما أفادته الغاية قبله، وأفرد أهل الكتاب بالذكر، بعد الجمع بينهم وبين المشركين، إشارة لبشاعة حالهم، لأنهم أشد جرماً ويعلم غيرهم بالطريق الأولى، وذلك لأنهم لما تفرقوا مع علمهم، كانوا أسوأ حالاً من الذين تفرقوا مع الجهل. قوله: ﴿ وَمَآ أُمِرُوۤاْ ﴾ الخ، الجملة حالية مفيدة لقبح ما فعلوا، والمعنى: تفرقوا بعدما جاءتهم البينة، والحال أنهم ما أمروا إلا بعبادة الله الخ. قوله: (وزيدت اللام) الأولى أن تجعل بمعنى الباء، والمعنى: وما أمروا إلا بأن يعبدوا الخ. قوله: ﴿ مُخْلِصِينَ ﴾ حال من ضمير يعبدوا، والإخلاص هو صفاء القلب من الأغيار، بأن يكون مقصوده بالعمل على وجه الله تعالى. قوله: ﴿ حُنَفَآءَ ﴾ حال ثانية، والحنف في الأصل الميل مطلقاً، ثم استعمل في الميل إلى الخير، وأما الميل إلى الشر فيسمى إلحاداً، والحنيف المطلق هو الذي يكون متبرئاً عن أصول الملل الخمسة: اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين، وعن فروعها من جميع الاعتقادات الباطلة وتوابع ذلك، وهو مقام المتقين، فإذا ترقى العبد منه إلى ترك الشبهات، خوف الوقوع في المحرمات، فهو مقام الورعين، فإذا زاد حتى ترك بعض المباحاة، خوف الوقوع في الشبهات، فهو مقام الأورع والزاهد، فالآية جامعة لذلك كله. قوله: ﴿ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ ﴾ عطف على ﴿ يَعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾ وخص الصلاة لشرفهما. قوله: ﴿ وَذَلِكَ ﴾ اسم الإشارة عائد على المأمور به من العبادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. قوله: (الملة) ﴿ ٱلقَيِّمَةِ ﴾ قدره إشارة إلى أن ﴿ دِينُ ﴾ مضاف لمحذوف، و ﴿ ٱلقَيِّمَةِ ﴾ صفة لذلك المحذوف، دفعاً لما يقال: إن إضافة ﴿ دِينُ ﴾ إلى ﴿ ٱلقَيِّمَةِ ﴾ من اضافة الموصوف إلى صفته، وهي بمنزلة إضافة الشيء إلى نفسه، وفيها خلاف.