قوله: ﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير: أيفعل ما يفعل من القبائح فلا يعلم الخ، والهمزة للإنكار وعلم بمعنى عرف، فتتعدى لمفعول واحد وهو محذوف تقديره أنا نجازيه، دل عليه قوله: ﴿ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ﴾ وقوله: ﴿ إِذَا بُعْثِرَ ﴾ ظرف للمفعول المحذوف، ولا يصح أن يكون ظرفاً للعلم، لأن الإنسان لا يقصد منه العلم في ذلك الوقت، وإنما يراد للعلم وهو في الدنيا، ولا لبعثر لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف، ولا لقوله خبير لأن ما بعد أن لا يعمل فيها قبلها، فتعين أن يكون ظرفاً للمفعول المحذوف تأمل. قوله: ﴿ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ ﴾ البعثرة بالعين والبحثرة بالحاء، استخراج الشيء واستكشافه، وعبر بما تغليباً لغير العاقل. قوله: (نظراً لمعنى الإنسان) أي لأنه اسم جنس. قوله: (دلت على مفعول يعلم) أي المحذوف الذي هو عامل في ﴿ إِذَا ﴾ والتنوين في ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ عوض عن جملتين، والتقدير: يوم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور وهو يوم القيامة. قوله: (وقت ما ذكر) أي من البعثرة وتحصيل ما في الصدور، وأشار بذلك إلى أن ﴿ إِذَا ﴾ ظرفية بمعنى وقت، لا شرطية فلا جواب لها. قوله: (وتعلق خبير بيومئذ) الخ، جواب عما يقال: كيف قال ذلك، مع أنه تعالى خبير بهم في كل زمن؟ فأجاب: بأنه أطلق العلم وأراد المجازاة، فمعنى قوله: ﴿ لَّخَبِيرٌ ﴾ أنه يجازيهم، ولا شك أن الجزاء مقيد بذلك اليوم، نظير قوله تعالى:﴿ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾[النساء: ٦٣] أي يجازيهم.


الصفحة التالية
Icon