قوله: ﴿ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ﴾ هذا رد لدعواهم بنوته لله، وإلا لقال إن الله أبي. (قوله طريق مستقيم) أي دين قيم من تمسك به فقد نجا ومن حاد عنه وقع في الردى. قوله: ﴿ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ ﴾ أحس يتعدى بنفسه وبحرف الجر، والأحساس الإدراك بأحد الحواس الخمس: السمع والبصر والذوق واللمس والشم، والمعنى أدركه منهم عناداً بعد ظهور تلك الآيات البينات. قوله: ﴿ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ ﴾ أي من ينصرني. وقوله: ﴿ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الياء في أنصاري، قدره المفسر بقوله ذاهباً. قوله: (اعوان دينه) أي أهل دينه فنصرة الدين كناية عن نصرة أهله. قوله: (وكانوا اثني عشر) أي وكان لهم كبيران اسمهما شمعون ويعقوب قوله: (وهو البياض الخالص) أي لبياض قلوبهم وثيابهم فأعطاهم الله بياض بواطنهم وظواهرهم قوله: (وقيل كانوا قاصرين) وقيل لأنهم حوروا النبي بمعنى نصروه، وقيل كانوا صيادين للسمك، وقيل كانوا صباغين، وقيل كانوا ملوكاً، ورد أن عيسى مر على هؤلاء وهم يصطادون السمك، فقال لهم: اذهبوا بنا لنصطاد الخلق، فقالوا له: وما آتيك على ذلك؟ وكانوا طول نهارهم يطرحون الشبك لا يخرج لهم شيء من السمك، فأمر أن يطرح الشبكة واحد منهم ففعل، فخرج لهم سمك ملأ مركبين، فآمنوا به وساروا بسيره، وقيل إن شمعون كان ملكاً، فرأى عيسى ذات يوم يأكل من إناء هو والناس ولا يفرغ ذلك الطعام، فآمن به ونزل عن ملكه وتبعه أقاربه، وقيل كان في صغره عند صباغ، فأمره بصبغ ثياب متعددة ألواناً متغايرة وذهب لحاجة، فوضع تلك الثياب في دن واحد وقال أيتها الثياب كوني كما أريد، فجاء الصباغ وسأله عن الثياب فقال ها هي في هذا الدن، فحزن حزناً عظيماً فأخرجها من الدن فوجدها كما أمره الصباغ فآمن به هو وأقاربه، وقل إن الاثني عشر كانوا لا صنعة لهم حين آمنوا بعيسى وكانوا سياحين معه، وكانوا كلما جاعوا شكوا لعيسى فينزل لهم كل واحد رغيفان، وكلما ظمئوا شكوا له فتنبع لهم عين في أي محل كانوا فيه، فقال لهم يوماً هنا من هو أفضل منكم، فقلوا من فقال الذي يأكلون من كسب أيديهم، فاستعملوا قصارة الثياب، وقد يجمع بين الروايات المختلفة بأن بعض الاثني عشر كان من الملوك، وبعضهم من الصيادين، وبعضهم من القصارين، وبعضهم من الصباغين قوله: ﴿ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ أي الموحدين مطلقاً أو الذين فضلتهم بالشهادة وهم محمد وأمته، لأنهم يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الأمم بالتكذيب.