قوله: ﴿ وَمَكَرُواْ ﴾ المكر هو الخديعة وإظهار خلاف ما يبطن قوله: (غيلة) هي بكسر الغين المعجمة وسكون الياء التحتية، أي يخدع الرجل فيذهب به إلى موضع لا يراه أحد به ويقتله. قوله: ﴿ وَمَكَرَ ٱللَّهُ ﴾ أي جازاهم على مكرهم، فحيث أضمروا على أخذ عيسى من حيث لا يحتسب، جازاهم على ذلك وأخذهم من حيث لم يحتسبوا. قوله: (بأن القى شبه عيسى الخ) حاصل ذلك أنهم لما تجمعوا على قتله، جاءه جبريل فوجده في مكان في سقفه فرجة فرفعه من تلك الفرجة إلى السماء، وأمر ملك اليهود رجلاً اسمه ططيانوس أن يدخل على عيسى فيقتله. فلما دخل فلم يجده خرج وقد القى الله شبه عيسى عليه، فلما رأوه ظنوه عيسى فقتلوه، وفتشوا على عيسى فلم يجدوه، ثم قالوا إذا كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وإذا كان صاحبنا فأين عيسى، فوقع بينهم قتال عظيم. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ ﴾ أي أقواهم مكراً بحيث يقدر على إيصال الضرر لهم من حيث لم يحتسبوا كما أضمروا ذلك لعيسى، ولا يقال لله ماكر أو مكار إلا مشاكلة ويؤول بما علمت، لأن أصل المكر يستعمل في المحتال لأخذ صاحبه لعجزه عنه وهو مستحيل على الله.