قوله: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ ﴾ شروع في بيان قبائحهم في أمور الدنيا، بعد أن ذكر قبائحهم في أمور الدين، والجار والمجرور خبر مقدم، ومن اسم موصول أو نكرة موصوفة مبتدأ مؤخر، وقوله: ﴿ إِن تَأْمَنْهُ ﴾ ويؤده جملة شرطية إما صلة أو صفة، وراعى في افراد الضمير في تأمنه لفظ من، ولو راعى معناها لقال تأمنهم. قوله: (أي بمال كثير) أشار بذلك إلى بيان شأن هذا المؤتمن، وإن كان سبب النزول في قنطار حقيقة، فالمقصود بيان شرفه من جهة الأمانة فلا مفهوم للقنطار، بل لو ائتمن على قناطير متعددة لم يخنه فيها. قوله: ﴿ يُؤَدِّهِ ﴾ يقرأ بالسكون وبالكسر مع الأشياء وتركه فهي ثلاث سبعيات. قوله: (أودعه رجل) أي قرشي. قوله: ﴿ بِدِينَارٍ ﴾ أصله دننار بنونين قلبت الأولى ياء دفعاً للثقل، والباء في قوله بدينار وبقنطار بمعنى في وهو على حذف مضاف، في حفظ قنطار، وفي حفظ دينار، ويصح أن تكون بمعنى على لتعدي الأمانة بها في القرآن كثيراً، نحو لا تأمنا على يوسف، هل آمنكم على عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل، والدينار أربعة وعشرون قيراطاً، والقيراط وزنه ثلاث شعيرات، فوزن الدينار بالشعير اثنتان وسبعون شعيرة. قوله: ﴿ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ﴾ ما مصدرية ظرفية ودام فعل ماض والتاء اسمها وقائماً خبرها، إلا مدة دوامك قائماً عليه، والمعنى لا يؤده إليك في حال من الأحوال، إلا في حال ملازمتك له وإشهادك عليه قوله: (فجحده) أي أنكره. قوله: (أي بسبب قولهم) أشار بذلك إلى أن الباء سببية وأن ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالباء. قوله: (أي العرب) أي وغيرهم ممن ليس من أهل كتابهم. قوله: (لاستحلالهم ظلم من خالف دينهم الخ) روي أنهم قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، وجميع ما في الأرض ملك لأبينا، وأولاد السيد يتصرفون في ملك أبيهم، وقيل إنهم قالوا: المال لنا وظلمنا فيه العرب، وقيل: إنهم قالوا إن الله أباح لنا مال من خالف ديننا، وادعوا أن ذلك في التوراة. ورد أن النبي لما قالوا ذلك قال:" كذبوا ما من شيء إلا وهو تحت قدمي، يعني منسوخ، ما عدا الأمانة فإنها مؤداة للبر والفاجر ". قوله: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ هذا بالنسبة لعلمائهم، وما عداهم مقلدون لهم في ذلك. قوله: ﴿ بَلَىٰ ﴾ إضراب إبطالي وهو مغن عن جملة قدرها المفسر بقوله عليهم فيهم سبيل. قوله: ﴿ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ ﴾ جملة مستأنفة مؤكدة للإبطال الأول. قوله: (الذي عاهد الله عليه) أي فهم من إضافة المصدر لفاعله، وقوله: (أو بعهد الله إليه) أي فهو من إضافة المصدر لمفعوله، فكل من العبد والمولى معاهد ومعاهد، فعهد الله للعبد إثباته، وعهد العبد لمولاة عدم مخالفته له. قوله: (من أداء الأمانة الخ) ورد في الحديث:" خمس من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ". قوله: (فيه وضع الظاهر موضع المضمر) أي وكان مقتضى الظاهر أن يقول فإن الله يحيه، وفيه أيضاً مراعاة معنى من. قوله: (لما بدلوا الخ) شروع في سبب، نزول الآية وقد ذكره على ثلاثة أوجه. قوله: (نعت النبي) من الجماعة الذين بدلوا نعته حيي بن أخطب وكعب من الأشرف. قوله: (في دعوى) أي كانت بين رجلين في بئر أحدهما الأشعث بن قيس فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال شاهداك أو بيمينه فقال الأشعث بن قيس إذاً يحلف كذباً ولا يبالي، وقوله: (أو بيع سلعة) أي فيمن أراد بيعها وحلف لقد أعطي فيها كذا كاذباً.


الصفحة التالية
Icon