قوله: ﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ ﴾ أي كالحرث بن سويد فإنه لما ارتد وذهب لمكة مع المفار وأراد الله له الهدى بعث لأخ له في المدينة كان مسلماً يقول له أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إذا اتيت هل أقبل، فأخبر رسول الله بذلك فنزلت هذه الآية، فبعثها له بمكة فأتى طائعاً وأسلم وحسن إسلامه، وهذا شروع في تقسيم الكفار إلى ثلاثة أقسام: قسم منهم كفر ولم يعد، وقسم كفر ثم عاد للإسلام ظاهراً فقط، وقسم كفر ثم أسلم ظاهراً وباطناً، قوله: ﴿ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ ﴾ أي الكفر، قوله: ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ (بهم) أي حيث قبل توبتهم، قوله: (بعيسى) أي والإنجيل، وقوله: (بموسى) أي والتوراة، وقوله: (بمحمد) أي والقرآن، قوله: (إذا غرغروا) أشار بذلك إلى أن الآية مقيدة بذلك وهذا في الكافر، وأما العاصي فتقبل منه عند الغرغرة، قوله: ﴿ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ ﴾ أي بأن تابوا عند معاينة العذاب. قوله: ﴿ مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ﴾ أي مشرقها ومغربها، قوله: ﴿ ذَهَباً ﴾ تمييز وخصه بالذكر لأنه أحسن الأموال وأغلاها، قوله: ﴿ وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ ﴾ أي هذا إذا تصدق به، بل ولو افتداء أهله به بالصدقة لا تنفعه منه أو من غيره لإجله. قوله: ﴿ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ ﴾ لما ذكر أن صدقة الكافر لا تنفعه، ذكر هنا أن صدقة المسلم وجميع طاعاته تنفعه، قوله: (أي ثوابه) أي البر أشار بذلك إلى أن في الكلام حذف مضاف. قوله: (تصدقوا) بحذف إحدى التاءين على التخفيف، أو بدون حذف على التشديد بقلب إحدى التاءين صاداً أو بادغامها في الصاد. قوله: (من أموالكم) أي وغيرها من الأنفس والجاه، قوله: ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ هذه الجملة في محل الجواب، أي فحيث كان عليماً بذلك لا يضيع من جزائه شيء. وقد أشار لذلك المفسر بقوله فيجازون عليه، قوله: (ونزل لما قال اليهود الخ) أي سبب نزولها قول اليهود ما ذكر. قوله: وكان لا يأكل لحوم الإبل) أي زعموا أن ما ذكر حرام على إبراهيم، فلو كنت على ملته لما كان ذلك حلاً لك، فرد الله عليهم زعمهم.


الصفحة التالية
Icon