قوله: ﴿ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ الرب يطلق على السيد والمالك والمعبود والثابت والمصلح، اقتصر المفسر على المالك لكونه المناسب للمقام، وجمع ﴿ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ جمع قلة من كثرتها جداً في الواقع تنبيهاً على أنهم وإن كثروا، فهم قليلون في جانب عظمته. تعالى. إن قلت: الجمع يقتضي اتفاق الأفراد في الحقيقة. أجيب: بأنها متفقة من حيث إن كلاً منها علامة على موجدها. قوله: (يقال عالم الإنس) الخ، الإضافية بيانية أي عالم هو الإنس. قوله: (وغلب في جمعه) الخ، وقيل: لا تغليب، بل هو اسم وضع لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وتناوله لغيرهم بطريق التبع. قوله: (أولو العلم) أي لشرفهم. قوله: (وهو) أي العالم، وهو ما سوى الله تعالى علامة على موجده لأنه حادث، وكل حادث يحتاج إلى محدث. قوله: (أي ذي الرحمة) أشار بذلك إلى أن﴿ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ ﴾[الفاتحة: ١] بنيا للمبالغة من رحم، والرحمة في الأصل رقة في القلب، تقتضي التفضل والإحسان، وهي بهذا المعنى مستحيلة في حقه تعالى، فتحمل على غايتها، لأن ما استحال على الله باعتبار مبدئة، وورد، يطلق ويراد منه لازمه وغايته. قوله: (وهي إرادة الخير) الخ، أشار بذلك إلى أنهما صفتا ذات، ويصح أن يكونا صفتي فعل، أي المتفضل المحسن، وفي الإتيان بـ﴿ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ ﴾[الفاتحة: ١] عقب اتصافه بـ ﴿ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ ترغيب بعد ترهيب، فيكون أعون للعبد على الطاعة، وأمنع من المعصية.


الصفحة التالية
Icon