قوله: ﴿ وَإِذْ غَدَوْتَ ﴾ جمهور المفسرين على أن هذه الآية متعلقة بعزوة أحد، وقيل بغزوة بدر، وقيل بغزوة الأحزاب، والصحيح الأول، ولذا مشى المفسر عليه. قوله: ﴿ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ أي من بيت أهلك وهي زوجته عائشة، وكان قدوم جيش الكفار يوم الأربعاء رابع شوال وأميرهم إذا ذاك أبو سفيان فجمع صلى الله عليه وسلم الأنصار والمهاجرين وشاورهم في الخروج لهم أو المكث في المدينة ينتظرونهم، فأشار عبد الله بن ابي بن سلول رئيس المنافقين هو وجماعة من الأنصار بعد الخروج فإن أبوا قاتلوهم الرجال والنساء، وأشار جماعة بالخروج، فدخل صلى الله عليه وسلم منزله ولبس لأمته وخرج فقال هلموا إلى الخروج، فقالوا يا رسول الله ما لنا رأي معك، فقال ما من نبي يلبس لأمته ويرجع حتى يحكم الله له بين عدوه، وكان قد رأى في المنام بقراً ودرعاً حصيناً وضع يده فيه وثلما في ذبابة سيفه، فقالوا ما أولته قال أما البقر فخير، وأما الدرع الحصين فهي المدينة، وأما الثلم في السيف فهزيمة، فخرج صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بعد صلاة الجمعة، فلما أصبحوا جعل الجيش خمسة أقسام، جناحان ومقدم وساقة ووسط، وأنزل كلاً من منزلته، وأمرهم أن يثبتوا مكانهم ولا يتحولوا، وأخبرهم أنه بمجرد ملاقاة الصفوف تحصل الهزيمة للكفار، فلما التقى الصفان ولى عبد الله بن أبي بن سلول هو وجماعته الثلثمائة وقالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم، ولم يبق إلا ستمائة وخمسون، فهزم الصحابة الكفار أولاً واشتغلوا بالغنيمة، فنزع الله من قلوب الكفار الرعب فكروا عليهم مرة واحدة، ففر المسلمون ما عدا النبي وبعض الصحابة، فبعد ذلك اجتمع المسلمون للقتال، فقتل من كل سبعون وكان العزة لله ورسوله. قوله: (وهو يوم أحد) أي وهو قول جمهور المفسرين وهو المعتمد. قوله: (أو إلا خمسين) أي فهما قولان. قوله: (سابع شوال) وقيل كان في نصفه فيكون قدوم الكفار يوم اثني عشر منه. قوله: (وعسكره) بالجر معطوف على الضمير المجرور في ظهره أي وجعل ظهر عسكره. قوله: (وأجلس جيشاً من الرماة) أي وهم المسلمون بالساقة. قوله: (وقال انضحوا) أي فرقوا من النضح وهو الرش، والمعنى فرقوا الأعداء عنا بالنبل قوله: (ولا تبرحوا) هذا في الحقيقة خطاب وأمر للجميع.


الصفحة التالية
Icon