قوله: ﴿ بَلَىۤ ﴾ حرف جواب أي وهو إيجاب للنفي في قوله تعالى:﴿ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ ﴾[آل عمران: ١٢٤] وأما جواب الشرط فهو قوله يمددكم. قوله: (لأن أمدهم أولاً بها) هذا إشارة لوجه الجمع بين ما هنا وبين ما يأتي. قوله: ﴿ مِّن فَوْرِهِمْ ﴾ يطلق الفور على قوة الغليان يقال فار القدر غلا، ويطلق على الوقت الحاضر وهو المراد هنا. قوله: (بكسر الواو) أي اسم فاعل والمعنى معلمين أنفسهم آداب الحرب، وقوله: (وفتحها) أي اسم مفعول بمعنى أن الله علمهم آدابه. قوله: (وأنجز الله وعدهم) أي فكلما حصل للمؤمنين ضعف زادهم الله من الملائكة. قوله: (على خيل بلق) أي وجوهها وأيديها وأرجلها بيض، وقوله: (وعليهم عمائم صفر أو بيض) أي فما روايتان وجمع بأن جبريل كانت عمامته صفراء وباقيهم بيض. قول: (أرسلوها) أي طرفها، ورد عن علي أنه قال كنت في قليب بدر فاشتدت ريح عظيمة فرأيت جبريل نزل بألفين من الملائكة فسار أمام المصطفى، ثم اشتدت ريح فرأيت إسرافيل نزل بألفين من الملائكة فسار على يمينه. ثم اشتدت ريح فرأيت ميكائي نزل بألف فسار على يساره. واعلم أن قتال الملائكة من خصائص هذه الأمة وليس مخصوصاً بواقعة بدر، بل ورد أن جبريل وميكائيل قاتلا مع النبي في أحد حين فرت أصحابه. قوله: (أي الأمداد) أي المفهوم من قوله يمددكم. قوله: ﴿ إِلاَّ بُشْرَىٰ ﴾ البشارة هي الخبر السار، ولا تطلق على الضد إلا مقيدة، كقوله تعالى:﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾[آل عمران: ٢١].
قوله: ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ معطوف على بشرى، الواقع مفعولاً لأجله، وجر باللام لعدم استيفائه شروط المفعول من أجله، فإن فاعل الجعل الله، وفاعل الطمأنينة القلوب، فلم يتحد في الفاعل وشرطه الإتحاد. قوله: (فلا تجزع من كثرة العدو) ورد أن الملائكة كانت تقاتل وتقول للمؤمنين اثبتوا فإن عدوكم قليل والله معكم. قوله: (وليس بكثرة الجند) أي فلا تتوهموا أن النصر بكثرة العدد. قوله: (متعلق بنصركم) أي المتقدم في قوله:﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ ﴾[آل عمران: ١٢٣].
قوله: (أي ليهلك) إنما فسره بذلك لأن القطع يأتي لمعان منها التفريق كقوله تعالى:﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً ﴾[الأعراف: ١٦٨] وليس مراداً هنا، ومنها الهلاك وهو المراد. قوله: (بالقتل) أي وكانوا سبعين، وقوله: (والأسر) أي وكانوا كذلك. قوله: ﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ ﴾ الكبت بمعنى الكبد فتاؤه مبدلة من الدال وهو الغيظ الذي يحرق الكبد. قوله: (لم ينالوا ما راموا) أي ما قصدوه. قوله: (لما كسرت رباعيته) أي السنة التي بين الثنايا والناب، وقوله: (وشج وجهه) أي غاصت في حلقه المغفر. قوله: (وقال كيف يفلح قوم إلخ) أي وقد عزم على أن يدعو عليهم كذا قيل، والأقرب أن مقالة النبي حزناً على عدم إيمانهم فإن قصد النبي هداهم، وحيث وقع منهم ذلك الفعل فهو دليل عدم إيمانهم فيفوت مقصد النبي، فسلاه الله بالآية كما سلاه بقوله:﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ ﴾[الكهف: ٦].
وبقوله:﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾[القصص: ٥٦].
وقوله: (يوم أحد) أي وقيل نزلت في أهل بئر معونة، وهم سبعون رجلاً من القراء بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر معونة، وهي بين مكة وعسفان، ليعلموا الناس القرآن والعلم، وأمره عليهم المنذر بن عمرو، وكان ذلك في صفر سنة أربع من الهجرة فخانهم عامر بن الطفيل وقتلهم عن آخرهم. فاشتد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلاه الله بذلك.