قوله: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ سبب نزولها أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجعوا إلى المدينة تذاكروا ما وقع في تلك الغزوة حيث قالوا إن الله وعدنا بالنصر على لسان نبيه فلأي شيء غلبنا، فنزلت الآية رداً عليهم. قوله: ﴿ وَعْدَهُ ﴾ مفعول ثاني لصدق لأنه يتعدى لمفعولين الأول لنفسه والثاني إما كذلك كما هنا أو بحرف الجر وهو في قوله: ﴿ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ ﴾ ظرف لقوله: ﴿ صَدَقَكُمُ ﴾ وحسن يطلق بمعنى علم ووجد وطلب وقتل وهو المراد هنا. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ ﴾ حتى ابتدائية بمعنى أن ما بعدها مستأنف، ويصح أن تكون غائبة بمعنى إلى، والمعنى ولقد استمر معكم النصر إلى أن فشلتم وتنازعتم وعصيتم فتخلف وعده ومنعكم النصر وإذا على الأول ظرف لما يستقبل من الزمان وعصيتم معطوف على فشلتم وجواب إذا محذوف قدره المفسر بقوله: (منعكم نصره). قوله: ﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ﴾ معطوف على ذلك المحذوف، وقوله: ﴿ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا ﴾ إلخ معترض بين المعطوف والمعطوف عليه. قوله: (جبنتم عن القتال) أي بسبب الإلتفات للغنيمة. قوله: (فتركتم المركز) أي الموضع الذي أقامكم فيه رسول الله، فإنه تقدم أنه قسم الجيش خمسة أقسام ساقة ومقدم وجناحان وقلب. وأمرهم بالثبات سواء حصل النصر أو الهزيمة، فظهرت لهم أمارات النصر أولاً، فبعضهم ترك مركزه وذهب للغنيمة، والبعض ثبت. قوله: ﴿ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ ﴾ تنازعه كل من فشلتم وتنازعتم وعصيتم، فأعمل الأخير وأضمر في الأولين وحذف. قوله: ﴿ مَّا تُحِبُّونَ ﴾ مفعول ثان لأرى، والكاف مفعول أول. قوله: (من النصر) أي أولاً فلما وقع الإختلاف تغير الحال. قوله: (دل عليه ما قبله) أي وهو قوله: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾.
قوله: (كعبد الله بن جبير) أي وقد كان أميراً على الرماة. قوله: ﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ﴾ أي عن المؤمن منكم بعد توبته. قوله: (اذكروا) قدره إشارة إلى أن إذ ظرف لمحذوف، ويصح أنه ظرف لقوله: عصيتم، التقدير وقت بعدكم إلخ. قوله: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ ﴾ فلعله رباعي بمعنى تبعدن، وقرئ تصعدون من الثلاثي بمعنى تذهبون متفرقين في البرية. قوله: ﴿ وَلاَ تَلْوُونَ ﴾ الجمهور على أنها بواوين، وقرئ شذوذاً بإبدال الواو الأولى همزة وأصلها تلويون بواوين بينهما ياء هي لام الكلمة فاعل بحذفها، وقرأ الحسن شاذاً بواو واحدة. قوله: (تعرجون) أي لا تقيمون مع أحد بل كل واحد ذاهب على حدة. قوله: ﴿ يَدْعُوكُمْ ﴾ أي يناديكم ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، وقيل ثمانية عشر رجلاً، وقيل لم يبق معه إلا طلحة عن يساره وجبريل عن يمينه، وجمع بين الأقوال بأن ذلك بحسب اختلاف الأوقات حين احتاطت به الكفار. قوله: (أي من ورائكم) أشار بذلك إلى أن الأخرى بمعنى آخر وفي بمعنى من، ويصح أن يبقى الكلام على ما هو عليه، ويكون المعنى والرسول يدعوكم في ساقتكم وجماعتكم الأخرى. قوله: (يقول إلي عباد الله) تمامه أنا رسول الله من يكر فله الجنة. قوله: (فجازاكم) أشار بذلك إلى أن المراد بالثواب مطلق المجازاة وإلا فالثواب هو ما يكون في نظير الأعمال الصالحة وإنما سماه ثواباً لأن عاقبته محمودة، قوله: (أي مضاعفاً) أي زائداً. قوله: (متعلق بعفا) أي وتكون لا أصلية والمعنى عفا عنكم ليذهب عنكم الحزن. قوله: (أوبأثابكم) أي فيكون المعنى أثابكم غماً بغم لأجل حزنكم على فوات الغنيمة وعلى قتل أصحابكم فقوله: (فلا زائدة) أي على هذا الثاني فقط. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي فيعلم المخلص من غيره فإن منهم من لزم رسول الله ولم ينتقل من موضعه أبداً وهو طلحة بن عبد الله، ومنهم من ثبت لولا غلبة الكفار كبقية الأثني عشر أو الثمانية عشر، ومنهم من فر خوفاً من القتل، ومنهم من فر ابتداء لإظهار هزيمة المؤمنين وهؤلاء منافقون وقد ظهروا في تلك الغزوة وافتضحوا، وأما المؤمنون فقد تم لهم النصر وعفا الله عن مسيئهم.