قوله: ﴿ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ ﴾ قال بعضهم إن الآية تشير إلى مقامات العبودية الثلاثة: الأول من يعبد الله خوفاً من ناره وإليه الإشارة بقوله لمغفرة. الثاني من يعبد الله شوقاً إلى جنته وإليه الإشارة بقوله ورحمة. الثالث من يعبد الله لذاته لا طمعاً ولا خوفاً وإليه الإشارة بقوله لالى الله تحشرون، وفي الحقيقة الثالثة قد جاز جميعها لكن من غير قصد منه، لأن مشاهدة الله لا تكون إلا في الجنة ولا بد. ومن ذلك قوله بعض العارفين: ليس قصدي من الجنان نعيماً غير أني أريدها لأراكقوله: (ما زائدة) أي للتوكيد، والمعنى فبسبب رحمة من الله كنت ليناً سهلاً على الخلق قال أنس بن مالك: خدمت رسول الله عشر سنين فما لامني على شيء فعلته أو تركته. قوله: ﴿ رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾ التنوين للتعظيم. قوله: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً ﴾ أي صعب القول والفعل، ومن سهولته قبول توبة وحشي قاتل عمه حمزة. قوله: (سيء الخلق) المناسب أن يفسره بصعوبة القول والفعل. قوله: ﴿ غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ ﴾ أي قاسية. قوله: ﴿ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ أي ذهبوا إلى الكفار ولم يبق منهم أحد، وأما من قبله من الأنبياء فقد عاملوا قومهم بالجلال، كنوح حين قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً، وكهود وصالح، فنبينا رحمة للعالمين ولولا رحمته بنا ما بقي منا أحد، فكان شفيعاً عند ربه لنا في كل بلاء عام طلبته الأنبياء لأممهم. قوله: ﴿ فَٱعْفُ عَنْهُمْ ﴾ شروع في ذكر ترقيه لهم، فذكر أولاً العفو عنهم، ثم الاستغفار لهم ليطهرهم ربهم من الذنوب، فإذا طهروا وصاروا أصفياء خلقاء شاورهم في الأمر. قوله: (تطييباً لقلوبهم) أي تونيساً وجبراً لئلا ينفر ضعفاء المؤمنين لو لم تحصل المشاروة منه. قوله: (وليستن ربك) أي ليصير سنة لمن يأتي بعدك، وليظهر صاحب الرأي السديد من غيره، ولذا قدموا بعد النبي أبا بكر لأنه كان يشاوره كثيراً، ثم عمر لأن القرآن كان ينزل على طبق ما يقول، واختلف هل كانت المشاورة في أمر الدين والدنيا أو الدنيا فقط، فقيل بالأول ولكن لا يتبع إلا الوحي، وإنما المشاورة تطييباً لخاطرهم، وقيل بالثاني وهو الظاهر. قوله: (ثق به) أي فلا يردك عنه أحد. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ أي يثيب المفوضين الأمور إليه.