قوله: ﴿ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ﴾ الحق أن آدم ممنوع من الصرف للعلمية والعجمية وليس منصرفاً ولا مشتقاً على التحقيق، قوله: (أي اسماء المسميات) أشار بذلك إلى أن أل عوض عن المضاف إليه، والمراد بالمسميات مدلولات الأسماء، سواء كانت جواهر أعراضاً أو معاني أو معنوية فالحاصل أن الله أطلع آدم على المسميات جميعها وعلمه أسماءها، وأطلع الملائكة على المسميات ولم يعلمهم أسماءها فاشترك آدم مع الملائكة في معرفة المسميات، واختص آدم بمعرفة الأسماء بجميع اللغات وتلك اللغات تفرقت في أولاده قوله: (حتى القصعة) غاية في الخسة، إشارة إلى كونه تعلم جميع الأسماء شريفة أو خسيسة وحكمتها أيضاً كما يأتي والقصعة هي الإناء الكبير من الخشب، والقعصية الإناء الصغير منه أيضاً المسمى بالزويلي. قوله: (والفسوة) من باب عتا والمصدر فسوا والاسم الفساء بالمد واوي هو الريح الخارجي من الدبر بلا صوت، فإن كان شديداً سمي فسوة، وإن كان خفيفاً سمي فسية، وإن كان بصوت سمي ضراطاً، وهو من باب تعب وضرب، والمصدر ضرطاً بفتح الراء وسكونها فالمكبر للشديد والمصغر للخفيف. قوله: (بأن ألقى في قلبه علمها) أي الأسماء وحكمتها حين صور الله المسميات كالذر وذلك قبل دخوله الجنة وهو ظاهر في الأشياء المحسوسة، وأما المعقولة كالحياة والقدرة والفرح وغير ذلك فبإلقاء الله الدال والمدلول في قلبه. قوله: (وفيه تغليب العقلاء) أين في الإتيان بميم الجمع التي للعقلاء المذكور، وإلا فلو لم يغلب لقال عرضها أو عرضهن وبهما قرئ شاذاً. قوله: ﴿ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ ﴾ يحتمل عموم الملائكة ويحتمل خصوص الملائكة المسمين بالجان الذين كانوا في الأرض. قوله: ﴿ أَنْبِئُونِي ﴾ الأنباء هو الإخبار بالشيء العظيم فهو أخص من الخبر. قوله: (أخبروني) أي أجيبوني ليظهر علمكم، وذلك تعجيز لهم لأنهم ليسوا بعالمين ذلك لا لاستفادته العلم منهم. قوله: (في أني لا أخلق أعلم منكم) معلق بصادقين. قوله: (دل على ما قبله) أي قوله أنبئوني، فهو دليل الجواب والجواب محذوف تقديره إن كنتم صادقين فأنبئوني. قوله: ﴿ سُبْحَٰنَكَ ﴾ مصدر وقيل اسم مصدر منصوب بعامل محذوف وجوباً أي أسبح، وهي كلمة تقال مقدمة للأمر العظيم، كان توبة واستغفاراً أم لا، والمقصود منها توبتهم واستغفارهم، كقول موسى عليه السلام (سبحانك تبت إليك)، وقول يونس (سبحانك إني كنت من الظالمين)، والغالب عليه الإضافة وأما سبحان من علقمة الفاخر، فمؤول أو شاذ، ومن غير الغالب. قوله: (إياه) أشار بذلك إلى أن المفعول الثاني محذوف. قوله: ﴿ إِنَّكَ ﴾ كالدليل لما قبله. قوله: (تأكيد للكاف) أي فهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب، أو في محل نصب كالمؤكد والعليم الحكيم خبران لأن الحكيم صفة للعليم، ويحتمل أن أنت مبتدأ والعليم خبره والجملة خبر أن. قوله: ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ قدم العلم على الحكمة لمناسبة علم آدم ولا علم لنا، ولأن الحكمة تنشأ عن العلم، والعلم في حق الله صفة أزلية تتعلق بجميع أقسام الحكم العقلي الواجب والمستحيل والجائز تعلق إحاطة وانكشاف. قوله: ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾ أي ذو الحكمة أي الإتقان فهو صفة فعل أو العلم فيكون صفة ذات. قوله: (فسمى) أي آدم. قوله: (توبيخاً) أي تقريعاً ولوماً لهم على ما مضى فالهمزة في ألم أقل للاستفهام التوبيخي، والقصد منه توبيخهم على ما مضى منهم وليست الإنكار ولا للتقرير. قوله: (ما غاب فيهما) أي: عنا. قوله: (أتجعل فيها ألخ) أي من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. بقي شيء آخر وهو أن مقتضى الآية أن آدم علم الأسماء والمسميات، ومقتضى قول البويصيري في الهمزية: لك ذات العلوم من عالم الغيـ ـب ومنها لآدم الأسماءأن آدم علم الأسماء دون المسميات، فيكون بينه وبين الآية مخالفة، والحق أنه لا مخالفة لأنه يلزم من علم الأسماء علم المسيمات لعرض المسيمات عليه أولاً، فمعنى قول البوصيري لك ذات العلوم أي أصلها، فعلم آدم مأخوذ من نبينا، لأن رسول الله أعطي أصل العلوم بل وأصل كل كمال، ويشهد لذلك قول ابن مشيش وتنزلت علوم آدم أي صل على من منه تنزلت علوم آدم، فعلوم آدم كائنة منه فأعجز بها الملائكة خاصة، وأما علوم رسول الله فاعجز بها الخلائق جميعاً، هذا هو الحق ولا تغتر بما قيل إن آدم علم الأسماء فقط، ومحمد علم الأسماء والمسميات.