قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ هذا حسن ترتيب، حيث ذكر الذنب ثم أردفه بذكر التوبة. وقوله: ﴿ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ أي التزامها تفضلاً منه وإحساناً، لأن وعد الكريم لا يتخلف على حد كتب ربكم على نفسه الرحمة. قوله: (المعصية) أي ولو كانت كفراً. قوله: (أي جاهلين) إنما قرن العصيان بالجهل، لأن العصيان لا يتأتى مع العلم، بل حين وقوع المعصية يسلب العلم، لأن أشدّ الناس خشية العلماء. قال تعالى:﴿ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ ﴾[فاطر: ٢٨].
قوله: (قبل أن يغرغروا) أي قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، وإنما كان الزمن الذي بين وقوع المعصية والغرغرة قريباً، لأن كل ما هو آت قريب، والعمر وإن طال قليل، وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يجدد التوبة في كل لحظة، لأن الموت متوقع في كل لحظة، لأن المتوقع في كل لمحة، ولذا قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما خرج مني نفس وانتظرت عوده، وورد أنه ما من نفس يخرج من ابن آدم إلا بإذن من الله في العودة ثانياً وعمر جديد. قوله: ﴿ وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ ﴾ أي قبولها. قوله: (وأخذ في النزع) أي بلغت الروح الحلقوم وغرغر الميت، لأن الإنسان عند الغرغرة يرى مقعده في الجنة أو في النار، فيظهر عليه علامة البشرى أو الحزن، فلا ينفعه الندم إذ ذاك. قوله: ﴿ وَلاَ ٱلَّذِينَ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ المعنى ليست التوبة للذين يعملون السيئات الخ، وليست التوبة للذين يموتون وهم كفار فهو محل جر. قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا ﴾ أصله أعددنا قلبت الدال الأولى تاء، وقد أشار المفسر بقوله (أعددنا) والمعنى أحضرنا وهيأنا.


الصفحة التالية
Icon