قوله: ﴿ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ أُمَّهَٰتُكُمْ ﴾ فهو مندرج في سلك المحرمات، ولذا قدر المفسر قوله حرمت عليكم.
﴿ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ ﴾ بفتح الصاد هنا باتفاق السبعة، وأما في غير هذا الموضوع فقرأ الكسائي بالكسر، فعلى الفتح هو اسم مفعول، وفاعل الإحصان إنا الأزواج أو الأولياء أو الله، وعلى الكسر اسم فاعل بمعنى إنهن أحصن أنفسهن، واعلم أن الإحصان يطلق على التزوج كما في هذه الآية، وعلى الحرية كما في قوله:﴿ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ﴾[النساء: ٢٥] وعلى الإسلام كما في قوله:﴿ فَإِذَآ أُحْصِنَّ ﴾[النساء: ٢٥] وعلى العفة كما في قوله:﴿ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ ﴾[النساء: ٢٥] وقوله: (أن تنكحوهن) أي تعقدوا عليهن في العصمة وما ألحق بها كالعدة، وقد أشار لذلك بقوله: (قبل مفارقة أزواجهن). قوله: (أو لا) أي بل كن إماء أو كتابيات. قوله: ﴿ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ ﴾ الاستثناء متصل، ويشير له قول المفسر وإن كان لهن أزواج، ولكن فيه شائبة انقطاع من وجهين: الأول أن المستثنى الوطء، والمستثنى منه العقد، والثاني أن المستثنى منه المتزوجات بالفعل، والمستثنى من كن متزوجات، فإنه بمجرد السبي تنقطع عصمة الكافر. قوله: (نصب على المصدر) أي المؤكد لعامله المعنوي المستفاد من قوله حرمت، فإن التحريم والفرض والكتب بمعنى واحد. قوله: (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان، ولفاعل هو الله، وحذف للعلم به. قوله: ﴿ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ ﴾ أي غير ما ذكر لكم، وهذا عام مخصوص بغير ما حرم بالسنة كباقي المحرمات من الرضاع، والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، والملاعنة على ملاعنتها، والمعتدة، فقوله: (أي سوء ما حرم عليكم من النساء) أي كتاباً وسنة. قوله: ﴿ أَن تَبْتَغُواْ ﴾ علة لقوله: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ ﴾ أي أحل لكم لأجل أن تبتغوا. قوله: (بصداق) أي بالتزوج، وقوله: (أو ثمن) أي بالملك. قوله: (متزوجين) أي أو متملكين بدليل قوله: (أو ثمن). وقوله: ﴿ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ ﴾ حال أخرى، وسمى الزنا سفاحاً، لأن الزانيين لا يقصدان إلا صبّ الماء، ولا يقصدان نسلاً، فإن الأصل في السفح الصب. قوله: ﴿ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ ﴾ أشار المفسر بقوله: (أي من) إلى أن ما واقعة على من يعقل وهن الزوجات، والمراد الزوجات اللاتي تمتعتم به منهن، فالآية واردة في النكاح الصحيح، فهو بمعنى قوله تعالى:﴿ وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً ﴾[النساء: ٤] الآية، وكرره لتتميم حكم الحل، وقيل إن الآية وردت في نكاح المتعة، وكان في صدر الإسلام حلالاً، فكان الرجل ينكح المرأة وقتاً معلوماً ثم يسرحها، وقد نسخ هذا، فعلى هذا الآية منسوخة. قوله: (بالوطء) أي ومقدماته. قوله: (مهورهن) سمى المهر أجراً لأنه في مقابلة الاستمتاع لا الذات. قوله: (فرضتم لهن) أشار بذلك إلى أن الفريضة مفعول لمحذوف وهو متصل بما قبله، فإن لم يكن فرض لها شيئاً وقد دخل بها، فإنه يلزمه مهر مثلها. قوله: ﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي ولا عليهن. قوله: (أنتم وهن) أي إن كن رشيدات، أو أولياؤهن إن كن سفيهات. قوله: (من حطها الخ) بيان لما، والكلام موزع، والمعنى فلا جناح عليكم فيما تراضيتم به من الحط، ولا جناح عليهن فيما تراضين من أخذ الزيادة.