قوله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ ﴾ من شرطية أو موصولة، ويستطع إما فعل الشرط أو صلة الموصول، وقوله: و ﴿ مِنكُمْ ﴾ أي الأحرار وهو شروع في بيان حكم نكاح الإماء للأحرار، فأفاد أنه لا يجوز للحر أن ينكح الأمة إلا بشروط ثلاثة: أن لا يجد للحرائر طولاً، وأن تكون تلك الأمة مؤمنة، وأن يخشى على نفسه العنت، وذلك الحكم يخصص ما تقدم في قوله:﴿ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾[النساء: ٣].
وقوله:﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ ﴾[النساء: ٢٤] وعلة حرمة نكاح الأمة لئلا يصير الولد رقيقاً لسيد الأمة، فإن كان لا يولد له أو لها أو كان ولده يعتق على سيدها مثل أمة الجد، فإنه يجوز له تزوج الأمة بشرط كونها مؤمنة. قوله: ﴿ أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ﴾ أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لقوله طولاً على حد،﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ﴾[البلد: ١٤-١٥].
قوله: (فلا مفهوم له) أي فإذا وجد طولاً لحرة كتابية، فلا يجوز له أن يتزوج بالأمة. قوله: ﴿ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم ﴾ إما جواب الشرط أو خبر المبتدأ، وقدر المفسر العامل مؤخراً لإفادة الحصر. قوله: ﴿ مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ﴾ جمع فتاة وهي الشابة من النساء. قوله: (تفضل الحرة فيه) أي الإيمان بأن تكون من كبار الأولياء وأرباب الأسرار مثلاً. قوله: ﴿ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ ﴾ أي من جنس بعض في الدين والنسب، كقول علي كرّم الله وجهه بيت شعر من البسيط: النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكْفَاءٌ   أَبُوهُم آدَمُ وَالأُمُّ حَوَّاءقوله: (من غير مطل) أي عدم أداء مع القدرة عليه. قوله: (حال) أي من قوله: ﴿ فَٱنكِحُوهُنَّ ﴾ أي حال كونهن عفائف عن الزنا، وهذا شرط كمال على المعتمد. قوله: ﴿ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ ﴾ حال مؤكدة. قوله: ﴿ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ ﴾ جمع خدن بالكسر وهو الصاحب والخليل، وإنما ذكره بعده لأنه كان في الجاهلية الزنا قسمان: جهراً وسراً، فكان الأكابر منهم يحرمون القسم الأول ويحلون القسم الثاني. قوله: (وفي قراءة بالبناء للفاعل) أي فهما قراءتان سبعيتان، والمعنى على هذه القراءة أحصن أنفسهن. قوله: ﴿ فَإِنْ أَتَيْنَ ﴾ شرط في الشرط، وقوله: ﴿ فَعَلَيْهِنَّ ﴾ الخ، جواب الثاني، والثاني وجوابه جواب الأول على حد: إن جئتني فإن لم أكرمك فعبدي حر. قوله: (الأكابر) إنما قيد بذلك لأن حد غير البكر من الأحرار الرحم وهو لا ينتصف. قوله: (ويغرَّ بن نصف سنة) هذا مذهب الإمام الشافعي، وأما عند مالك فلا تغريب على الرقيق، ذكراً أو أنثى. قوله: (ولم يجعل الإحصان الخ) إنما احتاج للسؤال والجواب، لأنه فسر الإحصان بالتزوج، وإلا فلو فسره بالإسلام كما فعل غيره لما احتاج لذلك كله. قوله (وأصله المشقة) أي أصله الثاني، وإلا فأصله الأول الكسر بعد الجبر، ثم نقل لكل مشقة تحصل للإنسان. قوله: (والعقوبة في الآخرة) أي إن لم يقم عليه الحد في الدنيا على المعتمد من أن الحدود جوابر. قوله: (فلا يحل له نكاحها) محل ذلك إن لم يخف العنت في أمة معينة ولم يجد ما يكفه عنها من الحرائر، فعند مالك يجوز له نكاحها لأنه عادم للحرائر حكماً. قوله: (وعليه الشافعي) أي ومالك وأحمد، وقال أبو حنيفة بجواز نكاح الأمة لمن ليس تحته حرة بالفعل، ولو كان واجداً لمهرها، وخالف في اشتراط إسلام الأمة. قوله: (ولو عدم) أي الطول وخاف العنت. قوله: ﴿ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ أي فالصبر أجمل حيث أمكن التحيل على ذلك لقوله في الحديث:" من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "، ولقوله تعالى:﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾[النور: ٣٣].
قوله: (بالتوسعة في ذلك) أي في نكاح الأمة.


الصفحة التالية
Icon