قوله: ﴿ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾ الخطاب للمكلفين، لأن العبادة تتوقف على معرفة المعبود والنية، ولكن المراد ما يشمل القربة التي هي ما تتوقف على معرفة المتقرب إليه، والطاعة التي لا تتوقف على شيء. قوله: (وحدوده) حيث فسر العباد بالتوحيد، كان قوله بعد ذلك: ﴿ وَلاَ تُشْرِكُواْ ﴾ تأكيداً، ولكن الأولى التعميم كما قدمناه، فيكون قوله: ﴿ وَلاَ تُشْرِكُواْ ﴾ تأسيساً، وهذا نظير قوله تعالى:﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً ﴾[الكهف: ١١٠].
قوله: ﴿ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ﴾ يحتمل أن شيئاً مفعول به، والمعنى لا تشركوا به شيئاً من الأشياء صنماً أو غيره، ويحتمل أنه مفعول مطلق صفة لمصدر محذوف، والمعنى إشراكاً شيئاً جلياً أو خفياً كالرياء والسمعة. قوله: ﴿ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ ﴾ قرن بر الوالدين بعبادة الله، إشارة لتأكيد حقهما وتخويفاً من عقوقهما، وقدر المفسر أحسنوا إشارة إلى أن ﴿ إِحْسَاناً ﴾ مفعول مطلق لفعل محذوف، والجار والمجرور يحتمل أن يكون متعلق بأحسنوا المقدر، وإليه يشير المفسر، ويحتمل أنه متعلق بإحساناً؛ ولا يقال إن المصدر لا يعمل في متقدم، لأنه يقال محله في غير الجار والمجرور والظرف. قوله: (براً ولين جانب) أي بأن يعظمهما ويخدمهما ويفعل معهما أنواع البر، وقد بين أنواعه في قوله تعالى:﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ﴾[الإسراء: ٢٣] الآية، وإنما خص حالة الكبر لأن عندها يثقلان، وإنما تكررت الآيات المتعلقة بالوصية على الوالدين دون العكس، لأن الله جعل الرأفة القائمة بقلوب الوالدين على الأولاد، مغنية عن التكليف بالقيام بحقوق الأولاد بخلاف الأولاد، فلذا شدد على الأولاد دون الوالدين. قوله: ﴿ وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ كرر الباء إشارة إلى تأكيد حق القرابة لما في الحديث:" والرحم معلقة بالعرش تقول يا رب من وصلني فأوصله ومن قطعني فاقطعه "قوله: ﴿ وَٱلْيَتَٰمَىٰ ﴾ جمع يتيم وهو من مات أبوه، ويستمر يتمه إلى البلوغ، فإذا بلغ زال يتمه. قوله: ﴿ وَٱلْمَسَٰكِينِ ﴾ جمع مسكين وهو من التصقت يده بالتراب، والمراد ما يشمل الفقير. قول: (أو النسب) أو مانعة خلو تجوز الجمع، لما في الحديث:" الجيران ثلاثة: فجار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام، وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام، وجار له حق واحد حق الجوار، وهو المشرك من أهل الكتاب "قوله: (الرفيق في سفر) ومثله الملاصق لك في نحو درس علم أو صلاة. قوله: (المنقطع في سفر) المناسب تفسيره بالغريب كان منقطعاً أو لا. قوله: (من الأرقاء) لا مفهوم له بل مثله الدواب المملوكة، إنما خص الأرقاء لقوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ ﴾[الإسراء: ٧٠] فالإحسان إليهم متأكد لقوله في الحديث:" إن الله ملككم إياهم ولو شاء ملكهم إياكم "قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ ﴾ علة لمحذوف تقديره أمركم الله بذلك فلا تفخروا إن الله الخ. قوله: (متكبراً) أي معجباً بنفسه مستحقراً لغيره. قوله: (بما أوتي) أي من النعم. قوله: (بما يجب عليهم) أي من الزكاة وغيرها. قوله: ﴿ بِٱلْبُخْلِ ﴾ (به) أي بما يجب. قوله: (من العلم) أي كصفاة النبي الموجودة في التوراة والإنجيل. قوله: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ ﴾ علة لخبر المبتدأ المحذوف. قوله: (مرائين لهم) أشار به إلى أن رئاء حال من الواو في ينفقون. قوله: (كهؤلاء) أي الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون، ومن ينفق ماله مرائياً، ومن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.


الصفحة التالية
Icon