قوله: ﴿ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ ﴾ أي بالتوبة والإخلاص. قوله: ﴿ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ ﴾ أي سامحهم وعفا عنهم وطلب لهم المغفرة، لأنه تعلق به حقان: حق الله وحق لرسوله. قوله: (فيه التفاف) أي وحقه واستغفرت لهم. قوله: (لا زائدة) أي لتأكيد القسم، وهو اختيار الزمخشري في الكشاف وهو الأحسن، ولذا اقتصر عليه المفسر. قوله: ﴿ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ ﴾ الخ، هذه شروط ثلاثة لكمال الإيمان، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى:﴿ وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾[النور: ٤٨-٤٩] الآيات. قوله: (اختلط) أي أشكل والتبس. قوله: (من غير معارضة) أي بأن ينقادوا للأحكام من غير توقف. قوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ بيان لسوء حالهم، وأنهم لو شدد عليهم كما شدد على من قبلهم لم يفعل ذلك إلا ما قل منهم. قوله: (مفسرة) أي بمعنى أي، وضابطها أن يتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه نظير:﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾[يونس: ١٠] وانطلق الملأ منهم أن امشوا، ويحتمل أن تكون مصدرية، وعليه فيكون ﴿ كَتَبْنَا ﴾ بمعنى ألزمنا التقدير ولو أنا ألزمناهم قتل أنفسهم. قوله: ﴿ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ ﴾ جمهور القراء على ضم النون والواو من أو اخرجوا، وقرأ حمزة وعاصم بكسرهما، وقرأ أبو عمرة بكسر النون وضم الواو، وأما ضم النون وكسر الواو فلم يقرأ به أحد. قوله: (على البدل) أي وهو المختار عند النحاة، قال ابن مالك: وبعد نفي أو كنفي انتخب. اتباع ما اتصل. وقوله: (والنصب على الاستثناء) أي فهما قراءتان سبعيتان على حد سواء وإن كان الرفع أرجح عند النحاة من النصب، فالمنزه عنه القرآن كونه ليس على قواعد النحاة، وأما كون القراءات له وجه قوي في العربية دون بعض فلا مانع منه. قوله: ﴿ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ اسم التفضيل ليس على بابه إذ ما هم عليه ليس بخير. قوله: (أي لو ثبتوا) ليس تفسير إلا ذابل، إشارة إلى أن ﴿ إِذاً ﴾ واقعة في جواب سؤال مقدر، وقوله: ﴿ لأَتَيْنَٰهُم ﴾ جواب الشرط، وأصل الكلام فما جزاؤهم لو ثبتوا إذ لآتيناهم الخ، فالحامل للمفسر على تقدير (لو ثبتوا) قوله بعد: ﴿ لأَتَيْنَٰهُم ﴾ والحامل لنا على تقدير السؤال قوله: ﴿ إِذاً ﴾ وهي هنا ملغاة عن عمل النصب لفقد شرطها. قوله: ﴿ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ أي ديناً قيما لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام، فتحل أنهم لو امتثلوا لأعطاهم الله خير الدنيا والآخرة. قوله: (وأنت في الدرجات العلى) أي التي ليس فوقها درجة، وهذا السؤال كما توجه من الصحابة، يتوجه أيضاً من الأنبياء، فإنه أعلى من جميع المخلوقات الإطلاق حتى الأنبياء، قال البوصيري: كَيْفَ تَرْقَى رَقِيّكَ الأَنْبِيَاء يَا سَمَاء مَا طَاوَلَتْهَا سَمَاءقوله: (فيما أمرا به) أي ونهيا عنه، فالطاعة امتثال المأمورات واجتناب المنهيات. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ ﴾ الخ، بيان للذين والمعنى أن من أطاع الله كان رفيقا لمن ذكر، وليس ذلك بسفر ولا مشقة، بل يكشف له عمن ذكر ويحادثه مع كون كل درجته لا يصعد هذا لهذا، ولا ينزل هذا لهذا، قال تعالى﴿ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ ﴾[الحجر: ٤٧] فإذا تمنى الشخص مشاهدة النبي ومحادثته، حصل ذلك من غير مشقة ولا انتقال. قوله: (أفاضل أصحاب الأنبياء) أي فالصديقية تحت مرتبة النبوة. قوله: ﴿ وَٱلصَّالِحِينَ ﴾ أي القائمين بحقوق الله وعباده. قوله: (غير من ذكر) أتى به دفعاً للتكرار، لأن جميع من تقدم صالحون. قوله: ﴿ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً ﴾ حسن كنعم تستعمل للمدح وفيها معنى التعجب، وأولئك فاعل، ورفيقاً تمييز، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هؤلاء. قوله: (رفقاء) أشار بذلك إلى أن رفيقاً فعيل يستوي فيه الواحد وغيره، ويحتمل أن أفرد نظراً لكل واحد مما ذكر. قوله: (والحضور معهم) أي مجالستهم حيثما أحب. قوله: (مبتدأ خبره) ﴿ ٱلْفَضْلُ ﴾ ويحتمل أن ﴿ ٱلْفَضْلُ ﴾ نعت لاسم الإشارة أو بدل، قوله: ﴿ مِنَ ٱللَّهِ ﴾ خبره. قوله: (لا أنهم نالوه بطاعتهم) أي نالوا الرفق بسبب طاعتهم، ففي الحقيقة دخول الجنة وارتقاء منازلها ومرافقة من ذكر بمحض فضل الله، وإلا فأي طاعة يستحق بها الإنسان شيئاً من ذلك. قوله: (أي فثقوا) أي اعتمدوا على ذلك الخبر ولا تشكوا. قوله: (ولا ينبئك مثل خبير) أي لا يخبرك بأحوال الجنة وغيرها، مثل خبير عالم ببواطن الأشياء كظواهرها الذي هو الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon